يوافق السابع عشر من فبراير الجاري، الذكرى الحادية والعشرين لتوقيع معاهدة مراكش، التي تأسس بموجبها اتحاد المغرب العربي.وكانت أيادي كل من الراحل الحسن الثاني، ملك المغرب، ومعمر القذافي، قائد ليبيا، وزين العابدين بن علي، رئيس تونس، والرئيسيين الأسبقين لموريتانيا والجزائر، معاوية ولد الطايع، والشاذلي بنجديد، شدت على بعضها، في 17 فبراير من سنة 1989، معلنة للمغاربيين عن ميلاد الاتحاد، الذي ظلوا يتطلعون إليه، منذ أوائل القرن العشرين. ولم يكن غريبا، في السنوات القليلة الأولى من عمر اتحاد المغرب العربي، أن يحتفي المغاربيون سنويا بعيد ميلاد اتحادهم، لأن هذا الاحتفاء كان يترافق مع عمل متواصل لبناء أجهزة الاتحاد، ومجالسه الوزارية المختلفة، ومؤسساته المتعددة، القضائية، والبنكية، والأكاديمية، فضلا عن مجلس الشورى. وكان يترافق، أيضا، مع إعداد ترسانة قوية، من اتفاقيات التعاون، ومشاريع العمل المشترك. وإذا كان الحديث عن ميلاد اتحاد المغرب العربي في تلك السنوات، والاحتفال بهذا العيد، طبيعيا ومطلوبا، فإن الأمر سيتغير، خاصة بعد سنة 1994، إذ منذ أوائل السنة المذكورة، ستنتقل الرئاسة الدورية للاتحاد إلى الجزائر، وستفشل عشرات المحاولات، الرامية إلى عقد اجتماع الهيئة القيادية لهذا الاتحاد، ممثلة في مجلس الرئاسة، المشكل من قادة الدول الخمس الأعضاء. لقد راهن المغرب على العمل الوحدوي المغاربي، من أجل تهييء الأجواء المساعدة لتسوية قضية الصحراء، من جهة، ولتنمية التعاون والتكامل بين البلدان المغاربية، من جهة ثانية. ورغم أن السنوات الأولى من عمر الاتحاد عرفت بوادر إيجابية مشجعة، فإن الأمور سرعان ما عادت إلى الوراء بقوة، عندما تمادت السلطات الجزائرية في انتهاك المعاهدة الاتحادية، بالتدخل المباشر في المساعي الأممية لتسوية قضية الصحراء، وبإغلاق الحدود البرية مع المغرب. ولم يغير انتقال رئاسة الاتحاد، في السنوات الأخيرة، إلى ليبيا، في الأمر شيئا. وواجهت القيادة الليبية، في محاولاتها لإعادة الحياة إلى اتحاد المغرب العربي، العقبتين نفسيهما، المتمثلين في موقف الجزائر المعادي للوحدة الترابية المغربية، والمتعنت في رفض فتح الحدود المغلقة مع المغرب، منذ ما يقارب ستة عشر عاما. وفي ضوء الإشارات السابقة، سيكون من المطابق للواقع الحديث عن الذكرى السادسة عشرة لوفاة اتحاد المغرب العربي، بدل الحديث عن الذكرى الحادية والعشرين لميلاد هذا الاتحاد.