ما زالت نجاة المريني وفية للعديد من الأعلام المغاربة، وما خلفوه من آثار في الكتابة والتأليف، وعلى مستوى الأعمال الاجتماعية وغيرها، إذ أصدرت الجزء الثاني من "أعلام في الذاكرة والوجدان".غلاف الجزء الثاني من أعلام في الذاكرة والوجدان وذلك بعد جزء أول، لتلقي الضوء على أعلام لهم مكانة وازنة وحضور متألق في الذاكرة والوجدان، وتساهم في التعريف برواد مغاربة للأجيال الصاعدة من المغاربة، وغيرهم، ممن لم تتح لهم فرصة الاحتكاك بهم أو الاطلاع على أنشطتهم السياسية، أو كتباتهم الأدبية. وتضيف المريني، بمساهماتها من خلال جزئي كتابها "أعلام في الذاكرة والوجدان" ، وبكتاباتها الأخرى عن شخصيات في تاريخ المغرب القديم والحديث، خاصة أعلام مدينة سلا، عطاء نفيسا إلى تراث التراجم العلمية في العصر الحديث، "لسد بعض الفراغ في الترجمة لهؤلاء الأعلام، والتعريف ببعض أعمالهم كما تيسر لي ذلك، خدمة لتراث مغربي له مميزاته وخصائصه، وروحه وطابعه"، تقول المؤلفة عن عملها الجديد. وما يتحف القراء في كتاب المريني، الصادر عن مطبعة الأمنية في الرباط، في 212 صفحة من القطع الكبير، الاختيار الموفق لتراجم أعلام من المغرب عامة، ومدينة سلا خاصة، مجددة بذلك لفن التراجم في المغرب، إلى جانب أسماء أخرى، لاسيما في سلا، المعروفة بتاريخها العريق، وصلحائها المشاهير، وعلمائها البارزين، إذ تضمن الكتاب شخصيات علمية ودينية وسياسية، ساهمت بأعمالها في مختلف ميادين الحياة. وتبرز المريني أن الجزء الثاني يتضمن أعلاما آخرين "رصعوا جبين الثقافة المغربية بأكاليل ورود زاهية، تغري بتلمس معالم طريقهم، وتذكي في النفس جذوة الاستفادة منهم". كما تغني كتابها بمعلومات، قد لا يجدها القراء في مصدر آخر، بحكم ما استقته من معرفتها الخاصة بكثير من هؤلاء الأعلام. وتعتبر المريني أن كتابها نابع من "الاعتراف بما أداه هؤلاء الأعلام من أدوار طلائعية، في النواحي السياسية والفكرية والثقافية، ووفاء لما أسهموا به من كتابات في تحرير الفكر، وبناء الشخصية الوطنية". وقسمت المؤلفة هذا الكتاب إلى قسم أول، عنونته ب"تكريم واعتزاز"، وقسم ثان، تحت عنوان "وفاء وتقدير"، لتعطي لكتابها حياة حقيقية نابضة وخالدة، رغم أن معظمه جاء في سياق تأبيني، وهو ما يميز كتابات المريني، التي تبدأ بالتنبيه إلى ضرورة الاستعداد للموت، قبل حلول أجله، كما استعد هؤلاء الأعلام، فخلفوا للإسلام وللمسلمين، وللقارئ بصفة عامة، علما نافعا، وعملا صالحا. ولم تخف المريني في كتابها، وكما ألفت ذلك، فضولها العلمي المتعطش للمعرفة الدائمة، إذ نفذت إلى جواهر شخصيات الكتاب، ودرست مختلف جوانب حياتهم، لتخرج مؤلفها عن طابع وثيقة تجمع معلومات عن شخصيات، لترص في رفوف الأرشيف، وتمنحه طابعا يغري القراء، ويفتح شهيتهم لقراءته. وبأسلوب سلس مؤثر واضح، تشد الكاتبة القراء إلى ملاحظات وجوه المقارنة، التي تعقدها بين بعض هذه الشخصيات، كما فعلت، مثلا، بين مصطفى بوشعراء ومحمد حجي، إذ توضح المريني أن"الرجلين جمعتهما علاقة مودة راسخة، تنتظم في سلك الانتماء لمدينة سلا، وفي سلك الانتماء إلى البحث التاريخي، وكذا في سلك الخلق الرفيع، وأبرز مميزاته طبيعة العلاقة الإنسانية مع الآخر، ولعل في هذه الصفات، التي كانت تجمعهما، ما جعل الموت يجمع بينهما في أقل من سنة، فالأرواح تتآلف في الحياة وفي الممات، على ما يبدو". وترجمت المريني، في مؤلفها الجديد، لعشرين شخصية، من أبرز الشخصيات، معظمهم من سلا، ومنهم: سعيد حجي، ومحمد حصار، وعلال الفاسي، وعبد الكريم غلاب، وأحمد رمزي، وأبو القاسم محمد كرو، وعبد الحق المريني، ووالدتها السعدية زنيبر، ومحمد حجي، ومحمد عواد، وعبد الرحمان الحريشي، ومصطفى بوشعراء، وقاسم الزهيري، ومحمد بن أحمد اشماعو، ومحمد الريسوني، وثريا النخلي.