في أحد الأيام عندما كانت السماء ملبذة بالغيوم والمطر يتساقط بغزارة، انتظرت مجيئه ثانية، لكنه تأخر هذه المرة فلم يأت في موعده، بل تأخر حتى الرابعة صباحا.. في الوقت نفسه الذي رأيته فيه لأول مرة، ويا للمصادفة فقد كان اليوم نفسه أيضا.فجأة راودني إحساس غريب بأن شيئا سيقع، لكن لم أتوقع أنني سأبكي إلى أن تجف دموعي .. في تلك الليلة جاءني طالبا المسامحة بعينين دامعتين، لم أراهما كما اليوم، فالعينان الحمراوان اللتان كانتا مثل اللهيب المشتعل أصبحتا باردتين كالثلج، "سامحيني صغيرتي ...سامحيني"، كانت الصدمة قوية لقد تكلم وأخيرا سمعت صوته الحنون، "ماذا بك لم أنت حزين"، علي إخبارك بشيء أولا اسمي الكسندر وثانيا أنا ..أنا"، أنت ماذا؟، "أنا لست حيا ..أنا ميت، نعم مت منذ ثلاث سنوات، لكن حبي لك جعلني أستيقظ من قبري وآتي إليك". لم أصدق للوهلة الأولى، لكن بعد قيامه بأشياء أمامي تأكدت من صحة كلامه، لدرجة لم أستطع معها تمالك نفسي، بكيت وذرفت الدموع كثيرا حتى كدت أنهار، منذ رأيتك لم تتكلم قط ...والآن عندما تكلمت أخبرتني أنك لست حيا لماذا؟. قال ألكسندر "هذا هو القدر". أتعرف أتمنى لو كان كل ما قلته كذبا وأني أحلم فقط ...، أجابني "يا ريت الزمان يعود إلى الوراء ....لكن هذه الحقيقة ويجب تقبلها"، لقد أصبحت ضائعة ووحيدة بدونك، فكرت أن أقتل نفسي وأكون معه إلى الأبد فقلت سأقتل نفسي لأكون معك، ألكسندر لن تتركني وحيدة، إما أن تبقى معي أو أذهب معك. لكنه بدأ يتلاشى في الهواء وهو يقول "لن تنجحي إنك مجنونة حقا، من يترك الدنيا ليأتي إلى عالم الأموات... إلى اللقاء يا ...."، اسمي كاتي ...كآتي، فتلاشى كأن شيئا لم يكن. كدت أنهار في ذلك الوقت لكن لحسن حظي وصل والداي من السفر، فوجدوني في حالة يرثى لها، "مابك صغيرتي؟" قالت أمي التي أخذتني بين أحضانها، فيما طلب والدي الطبيب بالهاتف. وبعد مرور لحظات وصل الطبيب الذي ما كدت أراه حتى لم أعرف ماذا أقول "أ....أ...أنت"، إنه هو لقد عاد ذلك الشبح الذي قضيت معه أحلى الليالي، صدمت لدرجة أنه أغمي علي. سأل والدي الدكتور عن حالتي، فأجابه "لاشيء سوى العياء والتعب والصدمة، لاشيء غير هذا، ستتحسن لا تقلق"، فخرج والداي للحظة وتركاني لوحدي مع الطبيب، الذي ظل وحده في الغرفة، وعندما استيقظت وجدته بقربي ماسكا يدي، قال لي "ألم أقل لك إني معك ولن أغيب عنك"، أجبته قائلة "ألست ميتا"، فرد قائلا "كنت لكن الآن، أنا حي، إنسان من دم وروح من أجلك"، في ذلك الوقت دخل والداي فوجدا الفرحة تغمرني من كل جانب. لم أجد بدا من إخبار والداي بالحقيقة، وبذلك قضينا وقتا ممتعا، مرت أسابيع لحين موعد سفر والداي والرجوع إلى الغربة ثانية، "لقد جئنا لأخذك معنا، لكن الظاهر أن الكسندر أخذك قبلنا"، كانت هذه كلماتهما لي، وهكذا كان الفراق حميميا ومؤثرا، وبذلك عشنا أنا والغريب حياة ملئها السعادة والهناء.