عام كامل يمر على الحرب الشرسة الإسرائيلية على غزة، وما خلفته من مآسي على سكانه على غرار ما ألحقه بهم الحصار المفروض على القطاع، الذي تجاوز السنتين إلى جانب موجات الاستيطان غير المسبوقة وفشل الحوار الفلسطيني-الفلسطيني هي صور شكلت المشهد على الساحة الفلسطينية لسنة 2009.ويسعى الفلسطينيون مع نهاية عام 2009 إلى بلورة صيغة يمكن من خلالها التوجه بقضيتهم لمجلس الأمن الدولي، والمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ضمن حدود الرابع من يونيو 1967، بعد أن استنفدت كل السبل لحمل إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الشرعية لهذا الشعب وتعدت صور انتهاك الاحتلال لها كل تصور. لقد واجه الشعب الفلسطيني ورفض الرضوخ رغم استمرار سياسة التعسف الإسرائيلية، وخرق الاحتلال لكافة القوانين والشرائع الدولية في ما يخص حقوقه كما جرى في عدوانه الضاري على قطاع غزة واستخدامه للأسلحة المحرمة دوليا ضده، وما اقترفته السياسة الهمجية الإسرائيلية من حصار مطبق على القطاع وتقتيل واستيطان. وتصادف الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، التي راح ضحيتها أكثر من 1400 شهيد هجوما إسرائيليا آخر، لكن بالثقل نفسه في وقعه على القضية الفلسطينية بمحاولاتها عرقلة الطريق أمام أي محاولة إقليمية أو دولية لإحقاق حق الفلسطينيين عبر تهديداتها للعالم، بالعزوف عن مسار مفاوضات السلام في حالة ما إذا تجرأ وقال الحق. وخاض المسؤولون الإسرائيليون جولات ماراطونية عبر عدة دول من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا تخوفا من المبادرة، التي أطلقتها السويد باعتبارها الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وقطع الطريق أمام إقرارها من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. محاولات باءت بالفشل مع اعتماد وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي لقرار يقضي بالاعتراف بالقدسالشرقية كعاصمة لدولة فلسطين بعد قيامها في المستقبل، وصفته أوساط فلسطينية ودولية بكونه "موقفا في منتهى الأهمية"، لأنه يشكل محطة في غاية الأهمية تساعد على إطلاق مفاوضات جادة تبدأ من النقطة التي توقفت عندها سابقاتها. وفي خضم هذه التطورات جدد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أخيرا التأكيد على انه لا بديل عن السلام إلا السلام وأن السلام يجري عبر المفاوضات وأكد تصميمه على السلام انطلاقا من مرجعية المفاوضات عام 1967، كما جرى الاتفاق على ذلك مع الرئيس الأميركي . تشدد الموقف الإسرائيلي الرافض للالتزام بما جرى الاتفاق عليه في خطة خارطة الطريق، وأهمها وقف الاستيطان بشكل كامل، بما يشمل النمو الطبيعي للمستوطنات في الضفة ومدينة القدس دفع بالسلطة الفلسطينية ومن ورائها الشعب الفلسطيني تحت مظلة لجنة المتابعة العربية اختيار مسلك مجلس الأمن للمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وكانت لجنة المتابعة العربية أصدرت قرارا نهاية شهر نونبر الماضي يقضي بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، من أجل المطالبة بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.