: متابعة بعدما ظلت لسنوات طوال حبيسة داخل البيئة الافتراضية "الإنترنت" إذ اقتصر تداولها عبره فقط في عملية الشراء والبيع من دون وجود فيزيائي لها، تختلف عملة "البيتكوين" الإلكترونية عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكنّ التطور المفاجئ والارتفاع السريع لقيمتها مقابل سلة العملات الورقية طرح عدة تساؤلات وأعاد العملة الإلكترونية إلى ناصية الجدل من جديد. أرباح ضخمة الثورة المعرفية ألقت بظلالها على العملة الإلكترونية، إذ شهدت تحسنًا كبيرًا منذ بداية العام الجاري بنحو 275%، وخلال شهر ارتفعت قيمتها بنحو 43% لتصل إلى 1800 دولار، في حين قفزت قيمتها السوقية خلال عام بصورة ضخمة للغاية من 7.16 مليار دولار في مايو العام الماضي إلى 27.9 مليار دولار. وبعد سنوات من التجاهل، اعترفت السلطات الروسية بها، إذ قال نائب وزير المالية الروسي ألكسي مويسييف في أبريل الماضي من هذا العام، في مقابلة مع وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية، إن سلطات بلاده تعتزم إدخال عملة "البيتكوين" الافتراضية إلى التداولات بشكل فعلي في 2018، وفي فبراير الماضي تم افتتاح أول مصرف لعملة ال"بيتكوين"، لبيع وشراء العملة الرقمية وسط العاصمة النمساوية فيينا. عملة مجهولة ووفقًا لخبير أسواق المال مدحت نافع، فإن البيتكوين هي عملة إلكترونية مجهولة، اقتصر تداولها عبر الإنترنت فقط في عملية البيع والشراء، وقد واجهت صعوبات عدة في بداية طريقها، فرفضتها ألمانيا واحتضنتها كندا، التي دشنت أول جهاز صراف آلي ATM في العالم لعملة بيتكوين في عام 2013. ورغم اعتراف أحد القضاة في الولاياتالمتحدة بأنها عملة رسمية ونوع من أنواع النقد ويمكن أن تخضع للتنظيم الحكومي، إلا أن أمريكا لم تعترف بها رسميا بعد. وتعود "البيتكوين" إلى عام 2008، وقد ابتكرها شخص أطلق على نفسه "ساتوشي ناكاموتو"، ووصفها بأنها نظام نقدي إلكتروني يعتمد في التعاملات المالية على مبدأ الند للند، وهو اصطلاح تقني يعني التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط، وتعتبر ألمانيا من أوائل الدول التي اعترفت رسميا بها، ورفضتها بشدة كل من روسيا وأيسلندا. كيفية تصميمها هي عملة نقدية عبارة عن شيفرة تم توليدها وفق خوارزمية التشفير الشهيرة والقوية SHA-256 بصيغة ست عشرية كي تميز كل مستخدم عن الآخر دون الإشارة إلى هويته، يتم تخزينها في ملف خاص يُدعى Wallet يحتفظ هذا الملف كذلك بكل عنوان قام المستخدم بإرسال مبالغ إليه أو استقبالها منه. البيتكوين والقمار وأشار نافع إلى أن أصحاب الأرصدة الكبرى من تلك العملة بمثابة صنّاع لسوقها وقادرون على التلاعب بأسعارها ارتفاعًا وانخفاضًا، وهو ما يجعل فرصها في الاستقرار أضعف، واصفًا وحدات "البيتكوين" ب"فيش" القمار التى تصلح للتداول داخل الكازينو ولا قيمة لها خارجه، لكن "البيتكوين" لا يوجد لها بنوك مركزية تلعب دور مقرض. ولفت إلى عدم وجود احتياطي ضامن لإصدارات الوحدات المصدرة من تلك العملة الرقمية سوى حجم التعاملات ذاته، منوهًا إلى أن تلك العملة مفضّلة بشكل كبير في الأعمال غير الشرعية وغسل الأموال، مشيرًا إلى أن ارتفاع قيمتها لا يعنى بالضرورة تحسّن فرصها المستقبلية في النمو، لأنها تقوم على ما يعرف بال"بونزى سكيم" بمعنى أن المتعاملين القدامى بوحدات البيتكوين يحصلون على إيرادات كبيرة من دخول متعاملين جدد. الآلية وفرص الانتشار ويحد من فرص انتشار "البيتكوين"، وفقًا لخبير أسواق المال، الآلية التى يتم بها تفقّد المعاملات السابقة، فالاستهلاك الرقمي للتعاملات يجعل إجراء المعاملات باستخدام محفظة البيتكوين شديد البطء وغير عملي. وتعتبر ال"بيتكوين" من العملات البسيطة والسهلة والآمنة عند استخدامها عبر الإنترنت، حيث تتم عملية البيع والشراء دون وجود هيئة وسيطة تنظم هذه التعاملات، أو رسوم تحويل ودون المرور عبر أي مصارف أو أي جهات أخرى. النشأة وفي هذا السياق قال وائل النحاس خبير أسواق المال إن العملة غير معترف بها في دول الشرق الأوسط، وبالتالي لا يمكن أن تحقق نجاحات كبيرة في الفترة المقبلة. سحابة صيف وأرجع النحاس في تصريحات ل"رم نيوز" الاهتمام الدولي بعملة البيتكوين إلى أن: "الأمر جديد على الناس لهذا حظيت باهتمام عالمي من جانب الصحف ولكن في الحقيقة هي مجرد سحابة صيف وتزول"، على حد تعبيره. وأضاف أن العملاء يبحثون عن عائد استثماري آمن، فيما اعتبر أن عملة البيتكوين لا يوجد لها أي ضمانات ومجهولة المصدر والهوية، ولا يمكن الاعتماد عليها الفترة المقبلة، مستشهدا بشركة "كيو نت" وهي واحدة من شركات التسويق، الممنوع قانونياً في الكثير من دول العالم ذاع صيتها الفترة الماضية كونها أكبر الشركات الاستثمارية إذ نجحت في الحصول على 8 مليارات من العملاء، واتضح بعد ذلك أنها عملية نصب إلكتروني ممنهج، متوقعًا أنه من الوارد أن تكون عملة ال"بيتكوين" عملية نصب إلكتروني. غير أنه عاد ليقول إن انتشارها بشكل كبير خلال الفترة القصيرة السابقة يضع علامات استفهام وراء مُنشئها وداعمها ومن أي جهة تُدار، وإن نجاحها من عدمه يقاس بحجم من يدير هذه العملة.