في سابقة قضائية لافتة، أصدرت المحكمة الابتدائية بشفشاون بتاريخ 19 مارس 2025، حكما يقضي ببطلان محضر مخالفة سير مبني على رادار متخف، مع إرجاع جميع المبالغ المؤداة من طرف الطاعن، وتحميل الخزينة العامة للدولة مصاريف القضية، وهو ما قد يفتح الباب أمام موجة من الطعون القضائية ضد هذا النوع من المخالفات. تعود تفاصيل القضية إلى توقيف محامٍ بهيئة تطوان من طرف عناصر الدرك الملكي، بدعوى تجاوزه للسرعة القانونية على إحدى الطرق الوطنية. عند مطالبته بمعاينة الصورة الملتقطة للرادار ومكان تثبيته، قوبل طلبه بالرفض، مما دفعه إلى الطعن في صحة المحضر. وبحسب ما ورد في نص الطعن، فإن المخالف لم تتم معاينته بشكل مباشر من طرف محرر المحضر، بل تم تصويره من طرف دركي آخر مختبئ، أرسل البيانات عبر وسيلة اتصال داخلية، دون أن يشار إلى اسمه أو صفته في المحضر. واعتبرت المحكمة أن هذه الممارسة تمثل خرقا واضحا للمقتضيات القانونية، خصوصا أن القانون يشترط أن يكون محرر المحضر هو الشخص الذي يعاين المخالفة بشكل مباشر. وذهبت في تعليلها إلى أن الاعتماد على معطيات مجهولة المصدر أو صادرة عن شخص غير مصرح به في الوثيقة، يُفقد المحضر قيمته القانونية. وبناء عليه، قضت المحكمة ببطلان المحضر، وعدم قانونية المخالفة، مما يشكل سابقة قضائية من شأنها التأثير على آليات اشتغال الرادارات المتخفية بالمغرب. رغم أن الحكم يرتبط بحالة فردية، إلا أن المتابعين للشأن القانوني والحقوقي يعتبرونه نقطة تحول مهمة في التعاطي مع مخالفات السرعة بالمغرب، خصوصا تلك التي يتم تسجيلها دون إشعار أو إشراف مباشر من طرف الضابط المكلف بالمعاينة. وليس هذا الحكم الأول من نوعه، فقد سبق للمحكمة الابتدائية بورزازات أن أصدرت حكما مماثلا، قضى ببراءة سائق من مخالفة سرعة، بعدما ثبت أن الرادار الذي التقط صورته كان يرسل المخالفات عبر تطبيق "واتساب"، دون أن يتم تحرير المحضر من طرف المعاين الفعلي. يثير هذا النوع من الأحكام تساؤلات قانونية حول مشروعية استعمال الرادارات المتخفية، وشرط المعاينة المباشرة في المخالفات، كما يفتح المجال لمراجعة الطرق التي تعتمدها السلطات في ضبط مخالفات السير، بما يضمن العدالة، الشفافية، واحترام الضمانات القانونية للمواطنين.