منذ عقود طويلة، يتجدد السؤال المحوري: ماذا تريد الجزائر من المغرب؟ سؤال تفرضه مجموعة من السياسات العدائية التي انتهجها النظام الجزائري تجاه المملكة المغربية، بدءًا من دعم الانفصال، مرورًا بسرقة التراث، إلى شن حملات تشويه إعلامية وهجومات إلكترونية. دعم الانفصال بملايير الدولارات لم يتوانَ النظام الجزائري عن تقديم دعم مالي ولوجستي ضخم لكيان انفصالي لا يمتلك أي مقومات سيادة، حيث خصصت الجزائر ملايير الدولارات لتمويل "البوليساريو"، في وقت تعاني فيه شرائح واسعة من الشعب الجزائري من البطالة وتدهور الخدمات الأساسية. دعمٌ لم يكن هدفه حماية مصالح مشروعة كما يُدعى، بل كان ولا يزال محاولة لضرب الوحدة الترابية للمغرب وزعزعة استقراره الإقليمي. سرقة التراث المغربي تتوالى المحاولات اليائسة للاستيلاء على عناصر الهوية المغربية، من الزليج التقليدي المغربي، إلى القفطان، والمأكولات الشعبية كالكسكس، في محاولات مستمرة لطمس الحدود بين الخصوصيات الثقافية. وهي سرقة حضارية مكشوفة تعكس فقرًا إبداعيًا في بناء هوية ثقافية وطنية قائمة على أسس صحيحة. تشويه صورة المغرب إعلاميًا لم يكتفِ الإعلام الرسمي الجزائري بتضليل شعبه حول الأوضاع الداخلية، بل انخرط بشكل مباشر ومستمر في تشويه صورة المغرب عبر قنواته الرسمية وشبه الرسمية، بل وحتى عبر منصات إعلامية أجنبية موالية. صوروا المغرب كدولة فقيرة تعاني المجاعة، بينما الواقع يكذب هذه الادعاءات: المغرب يشهد تطورًا اقتصاديًا ثابتًا، نموًا سياحيًا مشهودًا عالميًا، وتقدمًا ملموسًا في قطاعات متعددة. إغلاق الحدود وتحريض مستمر رغم محاولات المغرب المتكررة لمدّ اليد وفتح صفحة جديدة، كما عبر عن ذلك جلالة الملك محمد السادس في عدة خطابات رسمية، ظل النظام الجزائري متشبثًا بإغلاق الحدود البرية والجوية، بل واستمر في شيطنة أي مبادرة مغربية بالحوار والتعاون، متهمًا المغرب زورًا بالتآمر دون تقديم دليل واحد ملموس طوال عقود. الهجوم السيبراني وقرصنة المواقع المغربية مؤخرًا، انتقل التصعيد إلى الفضاء الرقمي عبر هجمات سيبرانية استهدفت مواقع حكومية ومؤسسات حيوية مغربية. هذه الاعتداءات الرقمية تعكس نوايا عدائية واضحة، في وقت كانت فيه الرباط دائمًا ملتزمة بضبط النفس ورفض سياسة التصعيد. المغرب.. دولة السلم والنية الحسنة رغم كل هذه التصرفات العدائية، ظل المغرب وفيًا لنهجه الثابت: عدم التدخل في شؤون الجزائر الداخلية، وعدم التآمر ضدها، واحترام سيادتها ووحدة أراضيها. وهو موقف يعبر عن حكمة القيادة المغربية وبعد نظرها، في مقابل تعنت نظام جزائري يسير عكس منطق العصر ومتطلبات حسن الجوار. الخلاصة أن العداء الجزائري تجاه المغرب لم يكن يومًا مبررًا بمصالح حقيقية أو تهديدات موهومة، بل هو نتاج حسابات سياسية داخلية، يحاول النظام الجزائري عبرها تصدير أزماته نحو الخارج. غير أن المغرب، بقيادته الرشيدة، ماضٍ في طريقه نحو التنمية والوحدة، غير آبه بالمحاولات اليائسة لعرقلة مسيرته. ويبقى السؤال مطروحًا: متى يدرك النظام الجزائري أن قوة المغرب ليست تهديدًا، بل فرصة تاريخية لشعوب المنطقة بأكملها؟