أبرز أكاديميون وباحثون مغاربة وأفارقة، أمس الأحد بمدينة آسا، العلاقة الروحية الوطيدة والمتجذرة عبر التاريخ بين المغرب ودول غرب إفريقيا. وأشار المتدخلون من المغرب والسينغال وبوركينا فاصو وموريتانيا خلال ندوة فكرية حول موضوع "العلاقات الروحية بين المملكة المغربية والغرب الإفريقي، الزاوية التيجانية نموذجا"، ضمن فعاليات الموسم الديني السنوي لزاوية أسا (ملكى الصالحين)، إلى أن العلاقات الدينية بين المغرب وإفريقيا ضاربة في التاريخ من خلال مساهمة علماء المملكة المغربية في انتشار الإسلام بغرب إفريقيا، مبرزين الدور الذي اضطلعت به الزاوية التيجانية في ترسيخ العلاقات الروحية والدينية بين المغرب ودول غرب إفريقيا. وحسب ورقة تأطيرية للندوة، فإن هذا اللقاء الفكري هو مناسبة لرصد الزخم والطفرة النوعية التي تعرفها العلاقات المغربية الإفريقية، خاصة بلدان غرب إفريقيا، مضيفة أن هذه العلاقات تعود إلى قرون خلت وذلك بفضل تأثير العديد من الزوايا التي انتشرت فروعها في ربوع القارة، خاصة الزاويتان التيجانية والقادرية اللتان عرفتا طريقهما الأول إلى إفريقيا على يد التجار المريدين والرحلات المتعاقبة لشيوخ الطرق بين الأقطار. وفي مداخلة خلال الندوة، أكد صوري محمدي، أستاذ علوم الدين ببوركينا فاصو، أن الطريقة التيجانية ومنذ تأسيسها لعبت دورا كبيرا في تحقيق الأمن الروحي والديني المعتدل مما ساهم في انتشارها الواسع في المغرب وإفريقيا منذ تأسيسها على يد مؤسسها أبي العباس أحمد بن محمد التيجاني. وأضاف أن الزاوية التيجانية لعبت أيضا دورا محوريا في التقارب بين المذاهب و المدارس الدينية و ساهمت في ترسيخ علاقات تاريخية ودينية بين حكام جنوب غرب إفريقيا و ملوك المغرب منذ القدم. من جهته، أكد التيجاني با، قاضي شرعي بمحكمة كفرين بالسنغال، أن هناك تشابه كبير بين المغرب والسينغال من حيث التمسك بالعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي ووجود المدارس العتيقة وقراءة القرآن الكريم بطريقة ورش، مبرزا أن معظم القيم الدينية والإنسانية والاجتماعية السينغالية جاءت من المغرب، فجامعة القرويين ، يضيف التيجاني با، لعبت دورا هاما في تأطير وتكوين الكثير من العلماء السينغاليين. كما أبرز أن العلاقات بين المغرب والسنغال ابتدأت قبل الإسلام ، وأن الإسلام شهد انتشارا مهما بالسنغال في عهد المرابطين، مضيفا أن روح البيعة للملوك العلويين أصبحت من مبادئ المنتسبين للطريقة التيجانية. من جانبه، أبرز الشيخ ولد الزين، أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة (موريتانيا)، العلاقة بين المغرب وبلاد شنقيط من خلال الرافد الفقهي الصوفي التيجاني، معتبرا أن الزاوية التيجانية حافظت على وحدة المذهب الفقهي والعقيدة الأشعرية بين المغرب و بلاد شنقيط حيث أن الرحلات بين الشيوخ المغاربة ورموز الطريقة التيجانية من المغرب في اتجاه بلاد شنقيط لم تتوقف منذ قرون وهو ما ساهم في انتشار هذه الطريقة و توسعها مما ساهم في تقوية الارتباط المغربي الديني بإفريقيا. أما محمد الديه، مرشد، منسق بالمجلس العلمي المحلي لأسا-الزاك، فأبرز من ناحيته، العلاقات الروحية الوطيدة التي تجمع بين المغرب ودول غرب إفريقيا، مضيفا أن هذه العلاقات هي متطورة ومتجددة عبر التاريخ. وتطرقت باقي المداخلات إلى فضائل عيد المولد النبوي الشريف وتعظيم مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والتعلق به. ويسعى منظمو فعاليات الموسم الديني السنوي لزاوية أسا (ملكى الصالحين)، إحياء لذكرى المولد النبوي الشريف، إلى إبراز مظاهر احتفال القبائل الصحراوية المغربية بذكرى المولد النبوي الشريف من خلال أنشطة الذكر والمديح والإنشاد الديني. وتختتم اليوم، فعاليات هذا الحدث الديني الذي تنظمه مؤسسة آسا-الزاك للتنمية والفكر والثقافة من 13 إلى 16 شتنبر الجاري، بإقامة شعيرة نحر الناقة، وتنظيم أمسية في الأمداح الأمازيغية.