أبرز خبراء مغاربة وأفارقة، أول أمس السبت بطنجة، خلال ندوة موضوعاتية في إطار الدورة التاسعة لمنتدى «ميدايز 2016» التي ينظمها معهد أماديوس تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أن عودة المغرب إلى الأسرة المؤسسية لإفريقيا فيها مصلحة كبيرة للقارة ولشعوبها وتكريس لمبدأ الوحدة الذي تأسس من أجله الاتحاد الإفريقي. وفي هذا السياق، أكد موسى مارا، الوزير الأول المالي السابق، أنه لا يمكن أن نتصور اتحادا إفريقيا بدون المغرب، الدولة التي ساهمت وتساهم في بناء ركائز الوحدة الإفريقية وقامت بأدوار مهمة لتحقيق استقلال عدد من الدول الإفريقية ومن أجل استتباب الأمن والاستقرار بالقارة، فضلا عن جهودها الكبيرة لضمان سيادة الدول الإفريقية وتحقيق الرخاء والازدهار والتنمية بالقارة. وأبرز أن ما يحسب للمغرب هو عدم تخليه عن الشأن الإفريقي بكل تفاصيله رغم انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984، من خلال مبادرته إلى توسيع تعاونه الاقتصادي وعلاقاته السياسية والإنسانية مع غالبية الدول وتسخيره لخبراته في مجال الأمن والاقتصاد والتكوين من أجل الشعوب الإفريقية والدفاع عن قضايا القارة في كل المحافل الإقليمية والدولية. وقال رئيس مؤسسة أماديوس إبراهيم الفاسي الفهري إن عودة المغرب إلى الفضاء المؤسسي الإفريقي يفرضها الواقع ومفيدة لإفريقيا، باعتبار أن المغرب فاعل سياسي واقتصادي أساسي على الساحة الإفريقية والدولية ونموذج للتعاون بين دول الجنوب، وأنه لم يدخر جهدا للمساهمة في تحقيق السلام على الصعيد القاري. وأضاف أن المغرب ظل، رغم مغادرته لهذا الإطار المؤسسي، متشبثا بعمقه الإفريقي ولم يول ظهره لقضايا القارة التي شكلت بالنسبة له أولوية استراتيجية، الأمر الذي تعكسه زيارات جلالة الملك محمد السادس لعدد من الدول الإفريقية وتعميق المغرب لتعاونه المتعدد المجالات مع أشقائه الأفارقة. وفي السياق ذاته، قال محمد بنحمو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية إن عودة المغرب تمليها المصداقية التي يحظى بها المغرب في الساحة الإقليمية والدولية، معتبرا أن عرقلة عودة المغرب هي عرقلة لمسار الوحدة الإفريقية ولتقدم إفريقيا دون سبب وجيه وعقلاني. ودعا محمد بنحمو بعض الدول الإفريقية التي تقلقها عودة المغرب إلى المنتظم الإفريقي إلى تحكيم العقل وتقديم مصلحة إفريقيا على مصالحها الذاتية الضيقة، معتبرا أن هذه الدول هي نفسها متضررة من وجود المغرب خارج إطار الاتحاد باعتبار المملكة فاعلا أساسيا في التنمية الإفريقية واستتباب الأمن والاستقرار باعتراف المنتظم الدولي. وقال المهدي بنسعيد، رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس المستشارين، إن عودة المغرب الوشيكة إلى الأسرة المؤسسية الإفريقية هي دليل على نجاح الدبلوماسية الرسمية والموازية بالرغم من العراقيل المتجاوزة التي يضعها أعداء الوحدة الترابية للمملكة، مبرزا أن بعض الأطراف الإفريقية المحسوبة على رؤوس الأصابع التي تعرقل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تسير ضد مجرى التاريخ وضد المصلحة الإفريقية العليا والنبيلة. وقال جواد الكردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، إن إقدام بعض الدول على عرقلة عودة المغرب للأسرة المؤسسية لإفريقيا سببه حرص المغرب على وحدة إفريقيا ومواقفه الثابتة والمبدئية للحفاظ على كيان إفريقي موحد وصلب ومتماسك، مشددا على أن مثل هذه الممارسات السلبية لن تثني عزيمة المغرب وتشبثه بالعودة إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي لكون المملكة تقدم المصلحة العامة القارة على كل شيء. وأبرز أن عودة المغرب ستساهم في حل العديد من المشاكل المصطنعة التي يجب أن ينكب عليها المنتظم الإفريقي لمواجهة التحديات، عوض تسخير الموارد المادية والبشرية في قضايا خاسرة وثانوية مثل ما تفعله بعض الدول المعادية لوحدة المغرب وسيادته المشروعة على أراضيه. وخلص المتدخلون، خلال ندوة المنتدى الذي اختتم أشغاله مساء السبت، إلى أن انخراط المغرب بحكمة وبعد نظر في الواقع الإفريقي سياسيا واقتصاديا وامنيا وإنسانيا ونموذجه الديموقراطي وترفعه عن السجالات العقيمة والمتجاوزة ومواقفه الوحدوية، يشكل قيمة مضافة لإفريقيا تستشرف المستقبل. العلاقات الروحية والدينية ومن أسا الزاك ،أكد أكاديميون وباحثون ومهتمون بمجال التصوف مغاربة وأفارقة، أول أمس السبت، أن العلاقات الروحية والدينية بين المغرب وإفريقيا هي وثيقة الصلة ومتجذرة في التاريخ. وفي هذا الصدد، أكد نائب رئيس جامعة القرويين بفاس محمد أديوان، أن العلاقات الروحية بين المغرب وإفريقيا هي علاقات قديمة وقوية تم ترسيخها عبر عدة محطات تتمثل أساسا في انتشار الإسلام بربوع إفريقيا وترسيخ الأصل الصوفي المغربي عن طريق جهود المغاربة من علماء وفقهاء الصوفية والحجاج الأفارقة الذين عبروا إلى الحج عبر المغرب وكذا البعثات الطلابية الإفريقية إلى جامعة القرويين من أجل استتمام الثقافة في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي. وأشار إلى أن انتشار النمط الفكري الصوفي المغربي بعدد من بلدان إفريقيا جعلها جزءا من التراث المغربي وأيضا التراث المغربي جزءا من التراث الإفريقي لأن الأفارقة ، يضيف أديوان، يدركون بأن التصوف أصله مغربي منذ عهد الموحدين وهو تصوف مبني على محبة الله والرسول ومحبة الناس، مبرزا أن الأفارقة كانوا يبحثون منذ القدم عن طرق صوفية يتشبثون فيها بالتراث الروحي المغربي وترسيخه في تقاليدهم حتى يكون هذا الإرث الروحي المشترك بين المغرب وإفريقيا إرثا فعالا ووظيفيا. ومن جهته، أكد ديكو حمدوم، وكيل كلية الهدى للدراسات الإسلامية والمهنية بوغادوغو (بوركينا فاصو) أن الحضور الروحي والثقافي والاجتماعي للمغرب ببوركينا فاصو كان «متميزا» من خلال الزوايا، ويتجلى ذلك في المعاملة السمحة التي يتميز بها المغاربة والمنهج الدراسي الذي تبنته الزوايا عبر الكتب الدينية المؤسسة على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والطريقة التيجانية . من جانبه، اعتبر علي سيس أنياس الكولخي ، شيخ صوفي، وحفيد مؤسس الزاوية التيجانية بمدينة كولخ بالسنغال ، أن الروابط الدينية والروحية بين المغرب وإفريقيا وخاصة السنغال هي متجذرة وقديمة، مستحضرا سيرة جده الشيخ إبراهيم أنياس مؤسس الزاوية التيجانية بالسنغال . وتوجت أشغال هذه الندوة العلمية بإصدار بيان عن المشاركين فيها، أبرزوا فيه «دور الزوايا الدينية في توسيع ارتباط المغرب الحضاري والتاريخي بأشقائه في إفريقيا من خلال جهود الفقهاء والعلماء والوعاظ لتثبيت الهمم على كتاب الله وسنة نبيه المصطفى الكريم والتشبع بفضائل العقيدة الأشعرية وبروح التسامح والاعتدال والوسطية على مذهب الإمام مالك وطريق الجنيد السالك». وأشادوا ، يضيف المصدر ذاته، «بدور زوايا الصحراء المغربية ومنها زاوية آسا العتيقة وموسمها الديني السنوي في إشاعة روح الإخاء والتعايش والوحدة القائمة بين الأجناس. ويسعى منظمو فعاليات الموسم الديني السنوي (ملكى الصالحين) لزاوية آسا، الذي ينظم هذه السنة تحت شعار «ربط الحاضر بالماضي استشراف للمستقبل»، إلى إبراز مظاهر احتفال القبائل الصحراوية المغربية بذكرى المولد النبوي الشريف من خلال أنشطة الذكر والمديح والإنشاد الديني. ويتضمن برنامج الموسم الديني بالإضافة إلى ندوات ولقاءات، أمسيات في فني المديح والسماع، ومسابقات في حفظ القرآن الكريم وقصائد المدح، وعروض في الفروسية والهجن. والتي تحتضنها فضاءات مقر زاوية آسا وقاعة البلدية وساحة محمد السادس وساحة الفروسية وملعب دار الشباب.