دق فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب ناقوس الخطر، محذرا من الارتفاع المهول للمديونية، والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء المسموح بها، حيث ارتفع حجم المديونية العمومية، خلال الولاية الحكومية السابقة والحالية، إلى أزيد من ألف مليار درهم، ما سيرهن مستقبل الأجيال المقبلة لدى المؤسسات المالية المانحة للقروض. وقال سعيد ضور، في مداخلة له باسم فريق «البام» خلال الجلسة العمومية، المنعقدة أول أمس الاثنين، والمخصصة للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة، إن مجموع المديونية العمومية بلغ حوالي 1014 مليار درهم، وأضاف «فإذا قارنا هذا الحجم من الدين العمومي مع الناتج الداخلي الخام لسنة 2017، والذي يقدر بحوالي 1072 مليار درهم، فإننا نستنتج أن كتلة الدين العمومي تكاد تناهز الثروة التي ينتجها الاقتصاد الوطني سنويا، وهذا لوحده يدل على استفحال المديونية العمومية التي أمست مصدر قلق شديد». وأوضح النائب البرلماني، أنه استنادا إلى المعطيات الرسمية الصادرة عن الحكومة، بلغت مديونية الخزينة العمومية مع متم سنة 2018، وفق وزارة الاقتصاد والمالية، ما قدره 723 مليار درهم، أي ما يعادل 64.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، علما أن مؤسسات الدولة توصي بعدم تجاوز مديونية الخزينة لنسبة 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام، حتى يتأتى التحكم المطلق من طرف الحكومة في مديونية الخزينة، وأشار إلى أن هذه الأرقام تبين أن المغرب تجاوز هذه العتبة بحوالي 52 مليار درهم، وقال: «أما إذا أضفنا إلى مديونية الخزينة اقتراضات المؤسسات العمومية، فإن الأمر يزداد سوءا لأنه يجب إضافة 180 مليار درهم، تمثل مجموع اقتراضات المؤسسات والمقاولات العمومية، وبذلك يصبح حجم الدين العمومي ما يناهز 903 مليارات درهم بحسب المعطيات الرسمية، أي ما يعادل حوالي 81 في المائة من الناتج الداخلي الخام لسنة 2018». وحمل فريق الأصالة والمعاصرة كامل المسؤولية للحكومة السابقة بخصوص «هذه الوضعية المزرية المحفوفة بالمخاطر التي تتسم بها المديونية العمومية، لأن حكومة عباس الفاسي، التي انتهت ولايتها مع متم سنة 2011، تركت للحكومة السابقة التي خلفتها مديونية في ذمة الخزينة العمومية تقدر ب 431 مليار درهم، أي ما يعادل 52.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مما يعني أن حجم الدين كان دون 60 في المائة مع نهاية سنة 2011، والذي يطابق توصيات المؤسسات الدولية»، مضيفا أن «الحكومة السابقة والحالية لم تستطيعا الحفاظ على مستواه أو تقليصه بل عمدتا إلى الزيادة فيه ليصل مجموع اقتراضات الحكومتين 290 مليار درهم ومن تم الرفع من هذا الدين قياسا بالناتج الداخلي الخام من 52.5 في المائة إلى 65.1 في المائة سنة 2017، ومن هنا نستخلص أن الحكومتين هما حكومتا مديونية واقتراض بامتياز لأنهما لجأتا إلى الحل السهل لتمويل الميزانية العمومية عوض البحث عن موارد أخرى». وفي رده، قال رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إن الحكومة تعتزم اعتماد آلية جديدة لتمويل المشاريع الاستثمارية المبرمجة بالميزانية العامة، وذلك وعيا منها بأهمية الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، خاصة في ظل ارتفاع حجم الالتزامات ولتخفيف العبء على ميزانية الدولة. وأبرز العثماني أن هذه الآلية الجديدة، المبنية على الشراكة المؤسساتية، تهدف إلى فسح المجال أمام بعض المؤسسات للمساهمة في تمويل مشاريع البنيات التحتية ومواكبة مختلف الاستراتيجيات القطاعية، وذلك لجعلها رافعة لاستقطاب استثمارات إضافية في إطار تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وسجل العثماني أن نسبة مديونية الخزينة انخفضت من 65.1 بالمائة سنة 2017 إلى 64.7 بالمائة سنة 2018، مضيفا أن هذا التطور الإيجابي سمح بوضع حد للمنحى التصاعدي للمديونية الذي تعرفه البلاد منذ 2009 نسبة إلى الناتج الداخلي الخام. وأكد العثماني أن «سبب مستوى المديونية الحالي لا يرجع إلى عجز السنتين أو السنوات الثلاث الأخيرة، وإنما إلى تراكم نسب العجز المرتفعة المسجلة خلال سنوات خلت»، لافتا إلى أنه تم تحقيق هذه النتائج الهامة بفضل الإصلاحات والتدابير والإجراءات المتخذة، علما أن التحكم في المديونية من الأهداف الأساسية في البرنامج الحكومي، وسجل أن اللجوء إلى الاقتراض يخضع للترخيص القبلي من قبل البرلمان، باعتبار أن مستوى المداخيل والنفقات وحاجيات التمويل السنوية يتم الترخيص لها في إطار قانون المالية السنوي، والذي يحدد سقفا لمستوى التمويلات الخارجية لا يمكن بأي حال تجاوزه، وتتم تغطية الفارق المتبقي من احتياجات التمويل بالموارد الداخلية، وأضاف أنه في إطار اللجوء الى الاقتراض، تعمل الحكومة على احترام المبادئ المتمثلة في توجيه الموارد المتأتية من القروض أساسا إلى المشاريع الاستثمارية، تطبيقا للقاعدة الذهبية المضمنة في القانون التنظيمي لقانون المالية، والتي تلزم الحكومة بتوجيه موارد المديونية كليا إلى الاستثمار؛ والتحكيم بين مصادر التمويل الداخلية والخارجية من أجل الحصول على شروط مواتية تضمن أقل كلفة ممكنة مع التقليل من مخاطر تقلبات أسعار الفائدة والصرف.