لجأت حكومة عبد الإله بنكيران، في نسختها الثانية، إلى الاقتراض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، من خلال توقيعها على قرض يصل إلى حوالي 200 مليار سنتيم، بداية شهر دجنبر الحالي. القرض، الذي وقعه بالعطف عن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، ونشر في الجريدة الرسمية، بلغ200 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل 20 مليارا، جاء من أجل الإنشاء والتعمير، وهو تمويل لسياسة التنمية من أجل الشفافية والمساءلة، المعروفة بالحكامة. يأتي هذا في وقت رفضت فيه الحكومة مقترحا لفرق المعارضة بمجلس المستشارين، الذي ربط الإذن للحكومة بإصدار اقتراضات، وكل أداة مالية أخرى، على أن لا يتجاوز في جميع الأحوال سقفاً أقصاه 65% من الناتج الداخلي الخام بالنسبة لمجموع المديونية العمومية". وقال حكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الثانية، في مداخلة له خلال مناقشة مشروع قانون المالية بمجلس المستشارين، إنه خلافا لما أوردته الحكومة من كون مديونية الخزينة تصل 62 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فإن الأمر يصل حوالي 90 في المائة من الناتج الداخلي الخام. واستدل بنشماس على طرحه بضرورة "إضافة متأخرات الأداء لتصبح المديونية في حدود 65 في المائة، وبإضافة مديونية القطاع العمومي والهشاشات الموازناتية، نكون أمام 82 في المائة، دون احتساب ودائع بنك الخزينة، والدين الضمني لصناديق التقاعد، ودين الضريبة على القمة المضافة، ومتأخرات الأداء لدى الجماعات المحلية، والمؤسسات العمومية، والالتزامات المدرجة خارج الميزانية، لنصل إلى 90 في المائة من الناتح الداخلي. بنشماش أوضح أن الوتيرة التي ترتفع بها المديونية بالمغرب تعد قياسية ومنقطعة النظير، ذلك أن الحكومة اقترضت في ظرف سنتين؛ 2011 و 2012؛ ما اقترضته الحكومات السابقة في ظرف 10 سنوات، إذ بلغ حجم الدين العمومي في سنتي 2011 و2012 ما مجموعه 103 مليار درهم، وهو ما يعادل نفس المستوى المسجل طيلة الفترة الممتدة من سنة 2000 إلى 2010 (106 مليار درهم). وسجل نفس المتحدث أن تفاقم المديونية العمومية ناتج عن سوء الحكامة المالية لدى الحكومة الحالية، التي ارتأت كذلك أن ترفع متأخرات الأداء من 16 مليار درهم سنة 2010 إلى 25 مليار درهم سنة 2011. ونبه إلى أن تفاقم المديونية بهذه الوتيرة نجم عنه، بشكل أوتوماتيكي، ارتفاع كلفة الدين التي أصبحت تفوق نسبة النمو، وهذا يعني أن المديونية لا تنتج ثروات بنسبة تفوق أو على الأقل تعادل نسبة كلفتها، لأنه "في سنة 2012 بلغت كلفة الدين 4,7% من الناتج الداخلي الخام في الوقت الذي لم تتعدى فيه نسبة النمو 3,2%"، على حد قول بنشماس.