نفى (أستاذ) علم مقارنة الأديان السيد مصطفى بوهندي في تصريح له لجريدة الهسبريس عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في ذلك قد ارتكب جريمتين اثنتين، إحداهما: التطاول على سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان قرآنا يمشي بين الناس وأن الله تعالى حين اختار محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون نبيا ومبلغا رسالة الإسلام في الأرض، نفخ فيه من النبوة والصدق ومكارم الأخلاق ما لا يحول بينه وبين دعوته، ولذا لا يجوز له أن يقع في المعاصي والأخطاء التي تخدش في نبوته وتقدح في رسالته فكان أن جعله الله معصوما، وهذا كلام سقي مدادا وجفت صحفه ، فقد أجمع العلماء المسلمون قاطبة على عصمة الرسل والأنبياء، ويرى الشيخ محمد عبد الوهاب أن عصمة الأنبياء والرسل واجبة لصمتهم من كل ما يشوه السيرة البشرية ، وسلامة أجسادهم مما تنبو عنه الأبصار وتنفر منه الأذواق السليمة ، وأنهم منزهون عما يضاد شيئًا من هذه الصفات ، وأن أرواحهم ممدودة من الجلال الإلهى بما لا يمكن معه لنفس إنسانية أن تسطو عليها سطوة روحانية.. فلا أدري ما الذي أقحم هنيدي في هذا الباب؟ وما عساي به إلا أجده قد التقط بعضا من كتب المستشرقين وتلاوة مضامينها دون إذن من صاحبها أو عزوها إليه ، كما فعل في كتابه" أكثر أبو هريرة". أما الخطأ الثاني الذي لا يغتفر له دينيا ولا دنيويا كمتخصص في علم مقارنة الأديان، وهو أن السيد هنيدي قد أدلى بأقوال لا أساس لها من الصحة، وحتى لو افترضنا أنها واردة في النصوص السماوية القرآن والتوراة، فإن الأستاذ (المتخصص)، لا أدري كيف غابت عنه مسألة النسخ في القرآن الكريم، فما باله بالتوراة والإنجيل الذين طالهما من التحريف والتزوير عبر قرون مضت، وهذا بشهادة اليهود والنصارى أنفسهم. فأما قوله أن القرآن الكريم لم يأتي بأدلة على عصمته فأستغرب لهذا الكلام من باحث متخصص في علم مقارنة الأديان ، وإن كان علم الأديان بريء منه لا لأنه يؤمن بعقيدة أخرى غير الإسلامية، فهذا بينه وبين خالقه، لكن لم يؤمن بشئ اسمه التحري العلمي والموثوقية وعدم التقول بغير علم، فقد جاء في القرآن الكريم ما يفند زعم هنيدي، يقول الله عز وجل في سورة الأحزاب الأية 21"لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا" و عز وجل"إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا(النساء 105]، وقال أيضًا:" وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا(النساء 113). فلو انتفت العصمة عن النبي لأصبح النبي شأنه شأن باقي المصلحين والحكماء وهذا مخالف لمعجزة الله في أنبيائه ورسله. أما الكتاب المقدس الذي نفى عنه هو الأخر السيد هنيدي اشتماله على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء فهو يشمل من النصوص) على محمد صلى الله عليه وسلم ما لا يسمح المقام بسردها كلها، وأشير إلى البعض منها فقط. فقد ورد في التوراة أكثر من خمسين بشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك: سفر التثنية:" أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ"18/18-19. وفي التوراة العبرانية في الإصحاح الثالث من سفر حبقوق : "وامتلأت الأرض من تحميد أحمد , ملك بيمينه رقاب الأمم" وغيرها من النصوص التي تقدح في كلام بوهندي وتفنده البتة.