ان التقويم البيداغوجي هو أحد المرتكزات الأساسية للمنهاج الدراسي.اذ لا يخلو فعل تعليمي –تعلمي- من إجراءات تقويمية تبدأ بتشخيص المكتسبات القبلية للمتعلم(ة) مرورا بتتبع مسار تعلمه والكشف عن صعوبات التعلم لديه وانتهاء بإصدار حكم أو تقدير إجمالي للمنتوج الذي يقدمه في نهاية حصة أو درس أو مرحلة تعليمية ولأجل ذلك يبقى التقويم البيداغوجي امرا ضروريا ومطلوبا في درس الفلسفة – بغاية التحقق من كفايات الدرس الفلسفي- والعمل على كشف الصعوبات التي تعترض المتعلم(ة) دون التمكن من اليات التفكير الفلسفي ، وأيضا تمكين مدرس(ة) الفلسفة نفسه من تغدية راجعة يسائل فيها أساليبه وطرقه في التدريس. ووعيا بالأهمية البالغة لأدوار التقويم داخل منظومتنا التعليمية بوجه عام، وفي درس الفلسفة بوجه خاص. ارتأى السيد عبد السلام العسري مفتش جهوي تخصصي لمادة الفلسفة بجهة مراكش اسفي تنظيم يوم دراسي حول التقويم في درس الفلسفة .يوم 7 ماي 2018 بقاعة الندوات بثانوية محمد الخامس التأهيلية -باب اغماث- واعد لجنة تحضيريه لانجاح هذا اليوم الدراسي الهام والجاد موجها السادة الاساتذة اعضاء اللجنة الى مختلف المشكلات التي تطرحها عملية تقويم المعارف الفلسفية متمثلة في : مشكلة عمومية مضامين المنهاج الخاص بالمادة ، وتعدد الكتب المدرسية ، وتداخل العلوم وتعددها في علاقتها بالدرس الفلسفي، حيث نجد في الدرس الفلسفي تداخل العلوم الإنسانية والأبستمولوجيا والفلسفة . مما ينتج عنه تعدد الموضوعات والقضايا غير القابلة للحصر والقياس. ولمعالجة هذه القضايا والإشكالات التي يطرحها التقويم في الفلسفة كان لابد الاشتغال ضمن ورشات حول كل المشكلات التي يطرحها التقويم في الدرس الفلسفي لهذا تم عقد عدة لقاءات بمقر المفتشية الإقليمية.
* افتتح اليوم الدراسي يوم 7/05/2018 على الساعة التاسعة ونصف صباحا بقاعة الندوات بثانوية محمد الخامس التأهيلية ، والذي حضره اساتذة الفلسفة بمديرية مراكش . * افتتح السيد عبد السلام العسري رئيس الجلسة و مفتش ممتاز. هذا اليوم الدراسي بحديثه عن سياق التربوي والفلسفي واقع التقويم في الثانوية المغربية. يستدعي تحفيز وتطوير قدرات الأساتذة، وتطوير البحث التربوي والفلسفي وتبادل الخبرات بين الفاعلين المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية. مشددا على ضرورة بناء تصور شمولي ومندمج في افق تطوير النموذج البيداغوجي وبعد ذلك ،وجه الكلمة الى السيد رئيس المؤسسة. دعى السيد رئيس المؤسسة الى إعادة النظر في التقويم مفهومه وفي طرقه وأساليبه الحالية، وإرساء رؤية واضحة ، وتوفير العدة والشروط اللازمة للنهوض به، لتمكينه من الاضطلاع بأدواره الجديدة في الدعم البيداغوجي المستدام والاعتماد المبكر على التوجيه، لمصاحبة المتعلم في بلورة مشروعه الشخصي، ومصاحبة النبوغ والتفوق، وتعزيز التربية على الاختيار، تأسيسا على استعدادات المتعلمين والمتعلمات، وميولهم وقدراتهم. وفي الختام نوه السيد المدير بهذا العمل المميز بشكره لكل من السيد عبد السلام العسري مفتش مادة الفلسفة على تأطيره لهذا العمل , والاستاذين سعيد عزوزي وعماد الورياشي على مجهوداتهما في انجاح هذا اليوم الدراسي. * بعد ذلك وجه السيد رئيس الجلسة كلمة شكر وامتنان للسيد رئيس المؤسسة ليعطي الكلمة للأستاذ سعيد عزوزي. كان الاستاذ سعيد عزوزي بصدد تقديم مداخلته القيمة تحت عنوان "التقويم التربوي في الفلسفة. "ابعاده واسترجياته ورهاناته" والتي اتجهت الى ابراز إشكالية التقويم كهاجس في المجتمعات المعاصرة ، منطلقا من البراديكمات النظرية المؤسسة للتقويم في مختلف الحقول المعرفية موضحا وظائفه وابعاده واستراتيجياته النظرية من جهة، والمنطلقات التوجيهية المؤسسة على المذكرات الصادرة في هذا الشأن, وذلك بتناول قضية التقويم التربوي في مادة الفلسفة أبعاده ورهاناته ، منبها إلى ضرورة التمييز بين الكتابة الفلسفية الأكاديمية باعتبارها تعكس إنتاجا خاصا بالفيلسوف،والكتابة الإنشائية الفلسفة باعتبارها تمرينا مدرسيا ترتبط بالمؤسسة المدرسية وتتوخى قياس تعلمات التلميذ (ة) ، مما يقتضي ضبط أدوات القياس لأنه لا يمكن أن نقوم التلميذ فيما لم يتم تدريبه عليه من جهة اخرى وقد اتجه العرض الذي قدمه الاستاذ سعيد عزوي في لحظة اولى الى البحث عن الاستراتيجيات في الحقول المعرفية المختلفة وفي التوجيهات الرسمية الصادرة في هذا الشأن وفي لحظة تانية الى تحفيز التفكير والسعي نحو التكوين النظري والفلسفي المعمق . ركز الاستاذ عماد في عرضه بعنوان "التقويم بين الذاتية والموضوعية" على إشكالية التقويم في المنظومة التربوية المغربية ، منطلقا من تشخيص أزمة التقويم باعتبارها أزمة بنيوية تتداخل فيها عوامل ذاتية وموضوعية ، جنحت بالتقويم إلى اختزاله في البعد التقني دون أن يساهم في بناء الكفايات ، وذلك بترجيح البعد الكمي على البعد الكيفي وهو ما خلق أزمة في المنظومة التربوية ككل. وفي نهاية عرضه قام بالانفتاح على التجارب الاقليمية بالمقارنة بين التجربة المغربية والتجربة التونسية على سبيل الاستئناس * مداخلة تركيبية للأستاذ عبد السلام العسري مفتش جهوي تخصصي. كان السيد عبد السلام العسري مفتش مادة الفلسفة متأملا وحكيما في مداخلته القيمة والمميزة التي استأثرت الحضور الكرام بإنصات وتفاعل قل نظيره، حيث ركز اختيار المقاربة بالكفايات : تقر الاختيارات الرسمية بضرورة اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل ل"تعليم التفلسف" (وفق البيداغوجيا الكانطية التي لا تلغي البيداغوجيا الهيغلية كليا). بيد أن هذا الاختيار ، وإن كانت له مبرراته القوية وإيجابياته التي لا يمكن إنكارها، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يجعلنا نغض الطرف عن محدوديته، والتي تكمن أساسا في تغليب الجانب المنهجي التقني (الخطوات المنهجية المجزأة في الكتابة الفلسفية، وهو أمر تكرسه الأطر المرجعية المحينة 2014 الخاصة بالتقويم في مادة الفلسفة ) على حساب الروح الفلسفية (روح التأمل والشك والأشكلة والمفهمة والحجاج والتفكيك والنقد…). ويمكن – ربما – تفهم هذا الأمر إن نحن استحضرنا المرجعية الاقتصادية للمقاربة بالكفايات. وأشار أن على عاتق "مدرس الفلسفة" تقع مهمة التشبت بالتكوين الذاتي، والعمل على ربط الفلسفة بالواقع والحياة اليومية، وإعادة النظر في المقولات الجاهزة التي قد تسيء "للدرس الفلسفي". كما أن نسج علاقات إنسانية وتواصلية بين المدرس والمتعلم قد يذيب الكثير من الجليد، ويسهل عملية التعليم/التعلم. * نحو اجتراح بدائل/ حلول ممكنة: بعد نقاش تميز بالتفاعل والدينامية بين السادة الأساتذة والسادة المحاضرون والذي دام ثلاث ساعات من الواحدة زولا الى الرابعة مساءا وتمت مناقشة العروض المقدمة والورشات التطبيقية تم الاتفاق على تصور واضخ حول عملية التقويم وخصوصا اننا على مشارف امتحانات البكالوريا 2018. كما تم صياغة مجموعة من التوصيات . * التوصيات: – وبالنظر لكوننا نعيش "عصر الصورة"، فإنه لا يمكن إنكار أهمية الوسائط البصرية والسمعية في "الدرس الفلسفي"، وإن كانت عوائق الاكتظاظ، وعدم توفر قاعات الدروس على تلك الوسائط، تمنع في الكثير من الأحيان تفعيل هذه الخطوة. – ومن المهم ألا يتم حصر وتنميط الكتابة الفلسفية في شكل المقال الفلسفي. إذ يمكن التفكير في الانفتاح على أشكال إبداعية أخرى من الكتابة الفلسفية ( الرسائل – المحاورات – القصائد الفلسفية – الشذرات …) – لا ينبغي إذن أن يتم حصر مشاكل "الدرس الفلسفي" في الجانب البيداغوجي- الديداكتيكي فقط ، ويتم تناسي أن الدرس الفلسفي يتم داخل إطار مؤسساتي تتحكم فيه اعتبارات سياسية واقتصادية وتاريخية واجتماعية. وما لم ننظر إلى الأمر وفق مقاربات متعددة فسنظل عاجزين عن إدراك عوائق "تدريس التفلسف"، ولن تكون الحلول التي نقترحها ذات جدوى. – تجدر الإشارة أيضا إلى ضرورة الحذر وأخذ مسافة نقدية من كل المحاولات الرامية إلى تنميط "الدرس الفلسفي بالثانوي"، وجعله درسا "حرفيا " أو "ممهننا" عاديا، بعيدا عن روح "التفلسف". ولا يعني ذلك بطبيعة الحال التخلي عن الخطاب البيداغوجي- الديداكتيكي، بقدر ما يعني حضوره بالشكل الذي يتوافق وجوهر الفلسفة القائم على التفكير النقدي البناء. – وعلينا أن نعي أن الحاجة إلى "تدريس التفلسف" – باعتبار الحق في التفلسف حقا عموميا- حاجة مجتمعية لا مجرد ترف فكري، إن نحن أردنا الانخراط في المجتمعات الديمقراطية. * وفي الختام : ان وثيرة إنجاز العمليات المرتبطة باليوم الدراسي ساد في جو من المسؤولية والجدية وفق الضوابط والمواصفات المطلوبة . قرينة على تفاعل اساتذة المديرية مع قضايا الدرس الفلسفي واشكالاته، وقد عبر اساتذة الفلسفة في توصياتهم على اهمية مثل هذه اللقاءات التي تنمي قدراتهم ومعارفهم كما عبروا عن شكرهم وامتنانهم الى الاستاذ عبد السلام العسري مفتش مادة الفلسفة على توجيهاته الحكيمة ونصائحه القيمة التي تدل على الحنكة والخبرة التي راكمها في مجال التربية والتكوين بنكران الذات والتفاني في العمل وحمله لقيم الرسالة التربوية النبيلة. والشكر ايضا موصول الى مدير ثانوية محمد الخامس التأهيلية والطاقم الاداري التي ساهم بدوره في انجاح هذا العرس التربوي خدمة للرسالة التربوية النبيلة. هشام حادف مراكش