كلمة تود ستيرن المبعوث الخاص للتغير المناخي أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة 15 كانون الثاني/يناير، 2013 ملاحظات خلال القمة العالمية لطاقة المستقبل: المفاوضات الجديدة حول المناخ، الطموح، التمايز، والمرونة كما تمّ إلقاؤها يُسعدني أن أكون هنا؛ وأقدر الدعوة التي وجهها لي صديقي العزيز سلطان الجابر. لقد أنجزت دولة الإمارات العربية المتحدة عملاً مثيرًا للإعجاب الكبير حول الاستدامة البيئية في السنوات الأخيرة، ويسرني جدًا أن أتمكن من المشاركة في القمة العالمية لطاقة المستقبل. كما يسعدني أن أقوم بثالث زيارة لي لهذه المنطقة في غضون ثلاثة أشهر. اسمحوا لي أن أعبّر أيضًا، مرة أخرى، عن تقديري لأصدقائي في قطر للعمل الممتاز الذي حققوه في استضافة المؤتمر الثامن عشر لأطراف اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية الخاصة بتغير المناخ(COP-18) ، ولم تكن تلك مهمة سهلة. ويسرني على وجه الخصوص أن تتاح لي الفرصة لإلقاء كلمة أمام مجموعة كهذه لأن الفرصة الوحيدة المتاحة لنا لاحتواء تغير المناخ تكمن في تسريع وتيرة نمو اقتصادات تعتمد على الطاقة النظيفة. هناك أيضًا بالتأكيد العديد من الفوائد الناجمة عن الطاقة النظيفة غير المتعلقة بالمناخ، بيدَ أن ما يحوّل السعي في سبيل الطاقة النظيفة إلى حرب ضرورة، اذا صح التعبير، بدلاً من حرب اختيارية هو تغير المناخ نفسه. ولذا من المهم أن يكون الناس المنخرطون في قطاع أعمال الطاقة النظيفة للعمل مؤيدين أقوياء من أجل المناخ. التفاوض حول اتفاقية جديدة بشأن تغير المناخ إننا نواجه الآن تحديًا أساسيًا وفرصة حقيقية في المفاوضات المتعددة الأطراف حول تغير المناخ. لقد أنجز الاجتماع الذي عقد مؤخرًا في الدوحة - المؤتمر الثامن عشر لأطراف اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ - ما كان مصممًا للقيام به، أي إكمال مساري التفاوض اللذين أُنشئا في بالي عام 2007. والأكثر أهمية، هو أن الأطراف حددوا الطريق نحو المستقبل لأجل إعداد اتفاقية إطارية جديدة بموجب مسار التفاوض لمنبر دوربان. لقد اتفقنا في دوربان على التفاوض بشأن اتفاقية جديدة ذات مفعول قانوني و"قابلة للتطبيق على جميع الأطراف"، وذلك على النقيض من بروتوكول كيوتو، الذي كانت التزاماته الحقيقية مطبقة فقط على البلدان المتقدمة. إذًا، هذه لحظة تاريخية. وعلينا الآن تحقيق النتائج. واليوم، أريد أن أركز على ضرورة إنجاح هذه الاتفاقية الجديدة، وسأقوم بذلك من خلال مناقشة ثلاثة اقتراحات عريضة. الاقتراح الأول: يجب أن ينصب تركيزنا خلال التفاوض على اتفاقية جديدة على نقطة ما يعرف "بالطموح" - القيام بما يلزم لبدء حل المشكلة. فهذه هي، في نهاية المطاف، نقطة مشروعنا بكامله: تجنّب حصول تغير خطير في المناخ والمحافظة على عالم يتسع لنا جميعًا ولأطفالنا والذين سيتبعونهم. إنه الهدف المعلن لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ. إنه سبب وجود الاتفاقية الإطارية الراهنة. ولذا، فالسؤال هو: كيف يمكننا إنشاء نظام دولي لديه أفضل فرصة لتحقيق ذلك؟ بإمكان أي فرد أن يقول بأن علينا المطالبة بتبني التزامات شديدة الصرامة بغية خفض الانبعاثات وإخضاع هذه الالتزامات إلى نظام تطبيق صارم مع فرض عقوبات قاسية لعدم الامتثال. بيدَ أن هذا لا يشكل بالحقيقة سوى مجرد طموح على الورق، لأنه في العالم الحقيقي، ترفض البلدان الالتزامات التي تعدها مضرة بمصالحها الجوهرية لناحية التطور والنمو والقضاء على الفقر. إن ما نحتاج إليه هو طموح حقيقي - لإنجاز الحد الأقصى من الأعمال بطريقة تجعل الدول تتبناها لأنها ترى فيها ما يتفق مع مصالحها الجوهرية. وفي الوقت نفسه، علينا جميعًا أن نتحدى أنفسنا ونلقي نظرة أعمق على ما يعنيه بالفعل تحقيق المصالح الجوهرية. فالواقع هو أن الانتقال إلى طاقة نظيفة الذي قد يفرض تسديد كلفة في المدى القصير يجب أن لا يُستخدم كذريعة للتقاعس عن العمل." ويمكن اتخاذ بعض الإجراءات بكلفة منخفضة أو حتى من دون كلفة، غير أن بعض الإجراءات الأخرى قد تنطوي على بعض التكاليف. بيد أنه مع مرور الوقت، فإن هذه الجهود ستؤتي ثمارها، ولا سيما عندما نأخذ بعين الاعتبار الكلفة الكاملة المتعلقة بخيارات الوقود، مثل التلوث والآثار الصحية وأمن الطاقة. وحتى عندما تكمن فائدة العمل في ناحية أبعد على الطريق، فمن من الممكن لها أن تكون ذات أهمية حاسمة للنمو والتطور. وفي النهاية، فإن الضرر المتوقع لتغير المناخ - الضرر الملموس الذي نراه جليًا في العواصف والفيضانات وحالات الجفاف، واندلاع الحرائق، واختفاء الشعاب المرجانية، وارتفاع منسوب البحر في كل مكان من حولنا - سيهدد بالتأكيد المصالح الجوهرية لجميع البلدان. لذا، نعم، يتعين على الطموح الحقيقي أن ينسجم مع المصالح الجوهرية للبلدان، إلا أنه ينبغي على هذه البلدان أن توسع أفق تفكيرها حول ما قد ينسجم أو لا ينسجم مع هذه المصالح. ويتعين علينا جميعًا - سواء كانت الولاياتالمتحدة أو الصين أو الاتحاد الأوروبي أو البرازيل أو اليابان أو المكسيك أو الهند أن نتحدى أنفسنا في سبيل ذلك. ولن نصل إلى وجهتنا في حال اعتبرت البلدان أن تغير المناخ مجرد فكرة طارئة تخطر بالبال. الاقتراح الثاني: التمايز بين الدول - وقد تكون هذه المسألة من أكثر المسائل التي يساء فهمها إثارة للنزاع في نطاق المفاوضات بكاملها - هو أمر مهم، ولكن من أجل دعم الطموح القوي، ينبغي أن يستند التمايز إلى ظروف حقيقية مادية، وليس إلى المواقف الأيديولوجية. وما لم نتمكن من تجاوز الأساليب القديمة في التفكير حول التمايز، فسوف نخاطر بجعل اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ أداة عفا عليها الزمن لحل تحديات تغير المناخ. فالعديد من البلدان الموقعة على اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ لديها وجهة نظر تعتبر أن التمايز يجب أن يُفهم كما فهمته دائمًا، أي أن البلدان المتقدمة كما تمّ تعريفها في عام 1992 هي التي أوجدت المشكلة، وأن المسؤولية تقع على عاتقها من أجل إيجاد الحل، وأن جميع الالتزامات بمعالجة تغير المناخ توجد ضمن نطاق سلطاتها، وأن القضايا المرتبطة بها كالشفافية أو القواعد المتعلقة باحتساب وتعقب الانبعاثات يجب معالجتها على أساس متشعب إلى فرعين، وبالاستناد فقط إلى الفئات المحددة عام 1992. غير أن هناك وجهة نظر مختلفة، تنسجم بالكامل مع العبارة الشهيرة الواردة في الاتفاقية "مسؤوليات مشتركة ولكن متمايزة وقدرات متعلقة بها". أولاً، علينا أن نتأكد من ان التمايز يدعم الطموح بدلاً من أن يحبطه. لنتذكر، أننا نتحدث حول اتفاقية من المحتمل أن تبقى نافذة المفعول حتى العام 2030 أو ما بعده. فالبلدان النامية مسؤولة حاليًا عن نسبة 55 بالمئة تقريبًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى حوالي 65 بالمئة بحلول العام 2030. ولا يمكننا بكل بساطة مواجهة تغير المناخ استنادًا إلى النظرية القائلة بأن جميع الالتزامات يجب أن تقع على عاتق البلدان المتقدمة. ثانيًا، لا يمكننا أن نتوقع نفس الشيء من جميع البلدان. ينبغي التفكير بالتمايز وفق طيف متغير الألوان. الطيف يعني، من بين أمور أخرى، أنه ينبغي علينا أن لا نتوقع نفس الشيء من القوى الناشئة، كالصين والهند والبرازيل والمكسيك وكوريا، كما نتوقع من البلدان ذات القدرة المتواضعة لمجرد أنها جميعًا بلدان "نامية"، والعكس هو الصحيح. لا ينبغي أن نتوقع من البلدان الفقيرة أن تفعل ما تفعله القوى الناشئة. في الواقع، ينبغي علينا أن لا نتوقع سوى القليل نسبيًا من عدد كبير من الدول الفقيرة التي تشكل مساهماتها في تغير المناخ جزءًا صغيرًا جدًا. لنأخذ مثلاً التمايز من داخل نظام المناخ. تتبادل جميع البلدان المتقدمة نفس الالتزام بتقديم قوائم بالمواد المخزونة لديها سنويًا، ولكن يمكنها أن تختار تقديم التقارير حول هذه المواد المخزونة بطرق مختلفة اعتمادًا على قدراتها. وبعبارات أخرى، هناك التزام مشترك - نشر تقرير بالمواد المخزونة - ولكن بطرق متباينة في إنجاز ذلك. وقد يشكل ذلك نموذجًا مفيدًا لكيفية التفكير بالتمايز ضمن اتفاقية جديدة حول المناخ. وبالتالي، لا يتعين على أي بلد أن يقلق بشأن سعي الولاياتالمتحدة لإلغاء التمايز ووضع جميع البلدان على قدم المساواة، وهو تخوف اسمعه في بعض الأحيان، ولكن لا أساس له في الواقع. إن ما نعتقده هو أن التمايز، لكي يدعم التزامنا المتبادل حول الطموح، ينبغي عليه أن يستند إلى الظروف الحقيقية والمادية للبلدان خلال الفترة التي تغطيها الاتفاقية - في هذه الحالة، العشرينيات من القرن الحادي والعشرين وما بعدها. اسمحوا لي أن أتوقف لأقدم ملاحظة على الهامش. إن الشفافية التي تطبق البلدان بموجبها التزاماتها سوف تشكل عنصرًا حاسمًا في أي اتفاقية جديدة بشأن المناخ. أشعر أحيانًا بالارتباك تجاه القلق الذي تبديه البلدان القوية التي تتردد بشدة في السماح لأي كان النظر إلى ما تقوم به في مجال تغير المناخ أو التعليق عليه. علينا تجاوز ذلك، كما فعلنا في العديد من الأنظمة الدولية الأخرى. وسوف تكون البلدان أكثر طموحًا في حال كانت لديها الثقة بأن نظراءها يعملون بصورة حقيقية. وفقط النظام الذي يدع الشمس تسطع سوف يمنحهم هذه الثقة. وأنتقل الآن إلى اقتراحي الثالث: ينبغي علينا أن نكون على استعداد للتفكير خارج إطار المفاوضات السابقة حول المناخ وإيجاد هيكلية مرنة يمكنها أن تحقق على أفضل وجه هدف الطموح الحقيقي وضرورة الشمولية الواسعة، وفي غضون ذلك استيعاب الظروف المختلفة لجميع الأطراف. ما هي العناصر التي يجب علينا أن نضعها نصب أعيننا عند تصميم مثل هذه الهيكلية؟ أولاً، من المحتمل أن تحتاج التزامات التخفيف إلى تحديدها على الصعيد الوطني. ويفضل البعض النموذج الذي يبدأ من الأعلى إلى الأسفل، والأهداف والجداول الزمنية المتفاوض عليها، ولكن في اتفاقية تضم أكثر من 190 طرفًا، من الصعب تصور نجاح مثل هذه المفاوضات. وحتى لو وجهنا تركيز التخفيف على أهم البلدان التي تولد الانبعاثات - وأعتقد أن مثل هذا التركيز قد يكون منطقيًا من ناحية تحقيق النتائج- قد يواجه مثل هذا التفاوض احتمالات مخيفة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الالتزامات بالتخفيف المتجذرة في خطط السياسات الوطنية بدلاً من مجرد وضع أرقام متفق عليها في قاعة مفاوضات دولية ستتمتع بفرصة أفضل بكثير لتنفيذها بنجاح. أما إذا اتبعنا مسار الالتزامات المحددة على الصعيد الوطني، سيتعين علينا التركيز بشكل مكثف على أفضل السبل لضمان تحقيق المطالب الطموحة لأي بلد. قد تكون إحدى الأفكار الفرض على البلدان تقديم برامجها المقترحة حول المناخ قبل ستة أشهر لكي يتسنى للبلدان الأخرى والجمهور الأوسع الوقت اللازم للتدقيق في المطالب من أجل تقديم تعليقات عليه. ثانيًا، وكجزء لا يتجزأ من التزامات التخفيف المحددة على الصعيد الوطني، ينبغي أن نتفق على أن المقاييس المختلفة لقياس العمل ستكون مناسبة تمامًا. قد تشمل مثل هذه المقاييس، من جملة أمور أخرى، تخفيضات مطلقة في الانبعاثات، والحد من كثافة الكربون، أو الإحصاءات التي تتعقب معدل نمو الاقتصادات التي تعتمد الطاقة النظيفة، مثل النسبة المئوية لاختراق بدائل الطاقة النظيفة في مصادر متعددة من الطاقة في بلد ما أو خفض كثافة الطاقة في اقتصاد معين. ثالثًا، يتعين علينا الاهتمام بالفعالية الاجمالية لبرنامج المناخ في بلد ما. تكون التعويضات المقابلة مهمة ويمكنها أن تساعد في خفض تكاليف الأعمال في مجال المناخ، ولكن الهدف المضني الذي يتم شراؤه عبر التعويضات الأجنبية ليس بالضرورة أكثر طموحًا - حتى لو كان الهدف أكبر - من برنامج مبني على تسريع قوي لتطوير اقتصاد يعتمد على الطاقة النظيفة في البلاد. وبالمثل، فإن خطوات مثل الحث على تطوير تكنولوجيا اختراقية لن تظهر ضمن الأهداف على الإطلاق، بل قد تكون أكثر أهمية لتلبية تحدي المناخ الذي يواجهنا. رابعًا، ينبغي علينا أن نكون منفتحين تجاه جميع أنواع المشاريع الإبداعية، بما في ذلك المبادرات المتعددة الأطراف التي يمكن أن تحفز العمل الطموح. وكمثال على ذلك، ينظر البعض إلى احتمال توقيع اتفاقيات قطاعية، التي قد تشمل البلدان أو الشركات، أو الاثنين معًا. يمكن القيام بهذا النوع من الأشياء ضمن حدود الاتفاقية الإطارية، مثل استخدام المادة 7.2 (ج)، أو يمكن أن تتشكل خارج الاتفاقية، مع نتائج إيجابية تدعم الطموح الاجمالي للاتفاقية الجديدة. وأخيرًا، أود أن أشير إلى أن الأنظمة المبنية لأجل تشجيع "السباق إلى القمة" من المحتمل أن تتوفر لها أفضل فرصة للنجاح. فالأنظمة المبنية على نوع من الصرامة المقصودة لتحفيز الطموح يمكن أن تنتهي بنتيجة عكسية في حال خفضت البلدان التزاماتها خوفًا من عدم قدرتها على تلبيتها. ومن المثير للاهتمام أن بعض البلدان الأكثر ترددًا في قطع الالتزامات الدولية هي الأشد حماسة للإشادة بالعمل الجيد الذي تقوم به في الوطن. قد يكون هناك درس في ذلك. كما ألاحظ أيضًا أن الرسالة حول الحدود والتخفيضات والقيود تكون عادةً أقل جاذبية بكثير من رسالة تتعلق ببناء شيء حيوي وجديد، مثل "اقتصاد الطاقة النظيفة للقرن الواحد والعشرين". لا أعرف حتى الآن بدقة كيف يمكن الاستحواذ على السباق إلى القمة فيما يتعلق بتغير المناخ، ولكن الفكرة جديرة بالدرس. والمفتاح هو التخلي عن ذلك الطريق القديم في حين ننظر إلى المستقبل، أي أن احتمال تحقيق نتائج ملموسة هو كل ما يجب أن يثير الاهتمام. ولذا، باختصار، فإن كلمة السر التي أقولها إلى أولئك الذين يعملون من بيننا في مفاوضات المناخ هي: الطموح الحقيقي، التمايز الذكي، والمرونة. دعونا لا نحرث نفس الأخاديد مرة أخرى؛ العام 2015 ليس العام 1992، والعام 2030 سيكون مختلفًا كذلك. قد يشكل منبر المفاوضات في دوربان الفرصة الفضلى الأخيرة لاتفاقية الاممالمتحدة الاطارية لإنشاء نظام يمكنه أن يغير مسار تغير المناخ. دعونا نسترشد في كل خطوة وفي كل قرار نتخذه بالتزامنا المشترك للتغلب على هذا التحدي، لخدمة دولنا وجميع الدول، وقبل كل شيء لأطفالنا الذين سيحق لهم أن يفخروا بذلك.