بقلم : ذ.محمد بدران لأول مرة في إيطاليا يصدر حكم من محكمة إيطالية في قضية طلاق مواطنين مغربيين، لهما عقدين زواج الأول إيطالي لم يسجل في المغرب والثاني مغربي بنت عليه محكمة مغربية مسطرة الطلاق،الإشكال هو طلب الزوجين من محكمة إيطالية الاعتراف بهذا الطلاق الشيء الذي يتنافى مع القانون الإيطالي الذي يعتبر الطلاق مبنيا عن فسخ عقد مغربي لا علاقة للمحكمة به.
وإليكم تفاصيل القضية: عقد زوجان مغربيان مقيمان بإيطاليا زواجهما بمقاطعة إيطالية ولم يتسن لهما تسجيل هذا العقد في المغرب بل ما زاد الطين بلة أنهما أقبلا على ابرام عقد زواج جديد بالمغرب بعد مرور شهور عن الأول،ليصطدما باستحالة استمرار العلاقة الزوجية ويقدمان على الطلاق أمام القضاء المغربي. هنا أصبحا مطلقين مغربيا ومتزوجين إيطاليا مما دفعهما إلى طلب الاعتراف بالطلاق الذي أبرم في المغرب ،في حين رفضت المحكمة الإيطالية الطلب باعتبار هذا الطلاق يخص عقدا مغربيا وليس إيطاليا لا يتطابقان لا في التاريخ ولا في المكان ولا في الشهود وعلى هذا الأساس رفضت المحكمة الدعوى وبقيت القضية معلقة بين القانونين المغربي والإيطالي محدثة تصدعا وتصادما بين المشرعين وبقي الزوجان مطلقان ومتزوجان وأغلق الباب عن هذه القضية النوعية التي لم تحدث من قبل على التراب اإيطالي.
كان من الطبيعي أن يرفض الطلب منذ البداية في أي محكمة إيطالية باعتبار أن الزواج الثاني يعتبر مغربيا وليس إيطاليا والطلاق في هذه الحالة غير معترف به من طرف القانون الإيطالي،بعد بحث مضني وتدخلات محبطة إيطالية دخل مكتب المحاماة بدران على الخط وعرضت القضية على أنظار الأستاذة كوثر بدران "مؤلفة كتاب الدليل القانوني حول مدونة الأسرة المغربية باللغة الإيطالية المعمول به في المحاكم الإيطالية لتجد حلا قانونيا يفك لغز المعضلة القضائية.
بعد دراسة مستفيضة للقضية تمكنت الأستاذة بدران من انتهاء مذكرتها ورفع القضية بناء على جنسية الزوجين ومساطر مدونة الأسرة ودلائل وحجج أعطت الملف جرعة من الروح لإحيائه كانت قادرة على تغيير مجرى القضاء لصالحها، بحيث منذ أول جلسة ابدى المدعي العام تفاؤلا معبرا ونطق برأي إيجابي أفرح الحاضرين إلا أن سعادة القاضي أبدى تحفظا كبيرا وطلب برفع الجلسة لينظر في القضية من جديد ولم يصدر حكمه النهائي إلا بعد مرور عدة أشهر لأنه كان عليه أن يقول قراره بطريقة صحيحة من الناحية القانونية الشيء الذي لم يجده لا في القانون الإيطالي ولا في حكم سابق مماثل في كل المحاكم الإيطالية.
بهذا الحكم ستكون مذكرة الأستاذة قد خلقت واقعا جديدا وصنعت سابقة أولى في قضية من هذا النوع وبهذا الحجم أمام محكمة إيطالية ،واعتراف القاضي بهذا الطلاق المغربي بدون امتثال الطرفين أمامه بناء على مذكرة الدفاع التي طالبت فيها بمحو آثار الزواج كون الطرفان المتعاقدان لم يبقيا على ميثاق التراضي والترابط الشرعي الذي أسس العقد عليهما.