تذكر إسم بشرى سهلي فتتراءى أمام المولعين بالرياضة سيرة عداءة شابة من حي شعبي بخنيفرة، استطاعت أن ترفع العلم المغربي بالعديد من المحافل الدولية، وهي الآن تصارع الرياح من أجل مواصلة التألق والظهور أكثر بمستوى يدل على استعدادها العنيد للمنافسة القوية على الميداليات الملونة. وقد أعربت عن أمنيتها بأن «يعمل المسؤولون على النهوض بألعاب القوى، وذلك بالاهتمام بالفئات الصغرى، دون نسيان الفئات الكبرى التي تعتبر عبرة ورصيدا، ومن الضروري تنظيم تظاهرات تحفيزية، لأن أغلب العدائين هم من أسر فقيرة جدا»، مؤكدة على ضرورة «العمل بضمير مهني وتربوي خال من المطامع والحسابات الشخصية، التي تجعل العداء ينفر من هذه الرياضة، وكذا مراقبة المسؤولين ومحاسبتهم على كل صغيرة وكبيرة، والوقوف بصرامة في وجه كل من يحاول تبخيس هذه الرياضة أوالإساءة إليها». ولم يفت بوشرة سهلي التخوف من تكرار سيناريو العداء عزيز الحبابي، الذي غادر نادي شباب أطلس خنيفرة نحو دولة قطر، التي حمل قميصها نظرا للتهميش الذي كان يعيشه، ويأتي هروب العدائين وتجنيسهم من نتائج الأوضاع الممنهجة ما بعد تألق ألعاب القوى المغربية عالميا، وقد كانت مناسبة اللقاء ببوشرى سهلي بمدينة خنيفرة، خلال انطلاق البرنامج الوطني للتنقيب عن المواهب الشابة في ألعاب القوى، حيث أكدت ل«الاتحاد الاشتراكي» عدم طمعها في تهريب نفسها أو تجنيسها في بلاد العم سام حيث هي الآن، وإذا نبع هذا الإحساس من حبها للقميص الوطني رغم وضعها الاجتماعي الصعب، فإنها تتمنى من مسؤولي هذا الوطن أن يهتموا بقيمة العدائين. كانت الخطوات الأولى لبشرى سهلي على ساحات الألعاب المدرسية (فئة الصغيرات)، عندما اعتادت ممارسة رياضة الجري، وفتحت بذلك الباب أمام إصرارها للصعود إلى منصات التتويج، حيث شاركت في بطولة المغرب للألعاب المدرسية واحتلت المرتبة الأولى، قبل التحاقها بنادي شباب أطلس خنيفرة، ولعبت معه نصف الموسم، ومعه كذلك بطولة المغرب. ونظرا لبعض المشاكل التي كان يعاني منها النادي وجدت نفسها بالنادي الرياضي المكناسي، رفقة العديد من العدائين، منهم العالمي يوسف بابا الذي خاضت معه مجموعة من البطولات والملتقيات الوطنية، التي تألقت فيها كبطولة المغرب للعدو الريفي وبطولة المغرب لألعاب القوى وكأس العرش. وبعدها التحقت بشرى بالجيش الملكي، الذي حققت معه أيضا عدة ألقاب وطنية ودولية، مثل بطولة العالم العسكرية للعدو الريفي بتونس، حيث احتلت الصف الثالث، وبطولة في كندا لنصف ماراطون أوطاوا باحتلالها المركز الثاني، فضلا عن عدة سباقات وطنية أخرى. ونظرا لصعوبة الاحتراف، وهي في الخدمة العسكرية رغم انتمائها للمنتخب العسكري، اختارت الإنسحاب من الجيش العسكري لأجل التفرغ لتداريبها رغم قلة الإمكانيات المادية التي حاولت تجاوزها بفضل المساعدة والدعم المعنوي والمادي، الذي تلقته من أسرتها، لتتابع مسيرتها الرياضية حيث كانت تقضي أياما طوالا في التدريب المكثف بشكل عصامي، دون أي مدرب، وتمكنت من الفوز بأغلب التظاهرات الوطنية، وكذلك السباقات الدولية مثل: نصف ماراطون مدينة العيون، نصف ماراطون مدينة الدارالبيضاء، نصف ماراطون مدينة مراكش (مركز 3)، نصف ماراطون مدينة ورزازات، نصف ماراطون هولندا، نصف ماراطون سطيفالجزائر، نصف ماراطون أوطاوا، نصف ماراطون النمسا. كل هذه معطيات تؤشر على أن هذه العداءة يمكن الاعتماد عليها للمستقبل، وهي تتحسس طريقها للتألق وضمان الرسمية. وقد هاجرت حاليا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبما أن ألعاب القوى تسري في عروقها فإنها خاضت بهذه البلاد عدة سباقات بمدن: بوسطن، أوهايو، شايو، كولومبو، ويستليك، أنديان أبوليك وغيرها، على أمل أن تعود إلى وطنها في أفق بناء جيل جديد من العدائين لغزو الساحة العالمية. ومع بداية الموسم الرياضي لألعاب القوى عادت بشرى سهلي إلى أرض الوطن من أجل إقامة معسكر تدريبي، وزيارة العائلة طبعا، ووقتها تلقت عدة عروض من أبرز الأندية الوطنية داخل المغرب وخارجه، وقبل قبولها بالإنضمام إلى أي ناد، دخلت في حوار مع مسؤولين بمسقط رأسها خنيفرة، لينتابها الأسف جراء تشكي هؤلاء المسؤولين من الضائقة المالية والافتقار إلى الدعم اللازم، دون الإشارة إلى من لا تهمهم غير مصالحهم الشخصية، ولم يفت بشرى وصف البرنامج الوطني للتنقيب عن المواهب بمثابة مبادرة هامة، إذا لم تعرف انعراجا نحو الطرق الملتوية. بشرى انتهزت فرصة لقاء بها لتوجه لسلطات خنيفرة نداء من أجل الالتفات بقوة إلى ألعاب القوى ووضعية ممارسيها، علما أن الإقليم غني بالطاقات والمواهب الرياضية، وخير مثال أنه أنجب العديد من الأبطال الذين لا يقلون مثلا عن جواد غريب ويوسف بابا وعبد القادر حشلاف، كما هو مقبل على بناء مركب رياضي لألعاب القوى.