في الصورة الملاكم المغربي " أمانيسي" والذي خسر أمام منافسه الصيني ب 15 لصفر في الوقت الذي يحصد فيه رياضيو الصين والولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا وغيرها الذهب والفضة والنحاس والأرقام القياسية في منافسات أولمبياد بكين ، يحصد الرياضيون المغاربة الريح ، أو بالأحرى يحصدهم الريح ، ويتساقطون واحدا تلو الآخر ، مثلما تتساقط أوراق الأشجار في فصل الخريف .
كل الرياضيين الذين تمت إزاحتهم من المنافسات ، اتفقوا بعد إقصائهم المذل على أن السبب الذي جعل الفشل يعانقهم ، هو انعدام الاستعداد الكافي ، قبل بداية المنافسات . والحق أن الجميع يعلم أن الوفد المغربي سيعود من بكين خاوي الوفاض ، ما دام أن الرياضيين المشاكرين ، لم يباشروا استعداداتهم إلا قبل أقل من ستة أشهر قبل السفر إلى الصين ، وماشي شي استعدادات نيت . ولم يعد يتبقى من أمل للمغرب في الحصول على ميدالية ما سوى ألعاب القوى ، وحتى لو توج أحد العدائين فسوف يكون ذلك بضربة حظ ليس إلا . "" وكان أول من استشعر هذه الانتكاسة الرياضية الجديدة هو الملك ، لذلك فضل عدم استقبال الرياضيين الذين يمثلون مملكته قبل أن يشدوا الرحال إلى شرق آسيا ، ربما اعتقادا منه أن استقبالهم لا يعني سوى تضييع وقته في استقبال رياضيين أقصى ما يمكن أن يحققوه هو الفشل . ومع ذلك فالمسؤولية لا تقع عليهم بالمرة .
الآن يجب علينا أن نترك الرياضيين جانبا ، وندعهم وشأنهم ، ونضع المسيرين في قفص المسؤولية ، ونوجه إليهم أصابع الإتهام ، مثل مجرمين ثبتت في حقهم التهمة ، والبداية طبعا يجب أن تكون بالرؤوس الكبيرة ، فهؤلاء من يتحمل المسؤولية المطلقة في كل هذه الكوارث الرياضية التي تتعرض لها المملكة ، وعلى رأسهم الجنرال حسني بنسليمان ، الذي ذهب لتمثيل المغرب في افتتاح الألعاب الأولمبية ، وكأن المغرب دولة انقلابية يحكمها العسكر ، ولا يوجد فيها مسؤولون مدنيون ، والذي بالمناسبة يوجد على رأس جامعة كرة القدم ، منذ عام 94 من القرن الماضي ، ورغم كل هذه "التجربة" الطويلة التي يتمتع بها الجنرال ، لم يستطع المنتخب الأولمبي تجاوز الاقصائيات الإفريقة المؤهلة إلى الألعاب الأولمبية . إذا أسندت الأمور المدنية إلى العسكر ، فانتظر الفشل .
الحساب إذن ، يجب أن يطال الرؤوس الكبيرة أولا ، أما أن نتهم الرياضيين لوحدهم بالكسل والخمول ، ونقدمهم أكباش فداء كما نفعل بعد كل نكسة رياضية ، فهذا لن يؤدي في نهاية المطاف ، سوى إلى مزيد من الكوارث مستقبلا .
تصوروا معي أن المغرب يريد من رياضييه ، أن يحرزوا الميداليات ، ويرفعوا راية الوطن في سماء الأولمبياد ، مقابل ميزانية مضحكة خصصتها وزارة الشباب والرياضة ، لا تتعدى 400 مليون سنتيم . ماشي الطنز هادا . علما أن السيدة التي توجد على رأس الوزارة ليست شخصا آخر غير العداءة السابقة نوال المتوكل ، التي لا شك أن ليس هناك شخص آخر يعرف حق المعرفة معاناة الرياضيين المغاربة أكثر منها ، على اعتبار أنها امرأة عاشرت الرياضيين عن قرب يوم كانت عداءة تجري على المضمار ، أما وقد أصبحت وزيرة ، فيبدو أنها نسيت كل آلام الماضي ، لأنها أصبحت من علية القوم .
لا أعتقد أنه يوجد مغربي واحد لا يريد أن يشرف بلده في المحافل الدولية ، وليس هناك رياضي واحد لا يتمنى أن يكون السبب وراء رفع العلم المغربي الأحمر عاليا ، كي يراه العالم ، والدليل على أن المغاربة "العاديين" يحبون بلدهم ، هو أن حتى الرياضيين الذي اضطرتهم الظروف القاسية إلى حمل جنسيات بلدان أخرى ، لا يترددون في التعبير على أنهم ما يزالون يحتفظون في أعماق قلوبهم بهويتهم المغربية ، وإن كانوا يخوضون المنافسات الرياضية تحت رايات بلدان أخرى . أضف إلى ذلك أنه ليس هناك أي رياضي يكره أن يتم توشيح صدره بميدالية كيفما كان نوعها ، فذلك شرف كبير لكل رياضي ، خصوصا في محفل كبير كالألعاب الأولمبية .
وإذا علمنا مثلا ، أن التعويض المادي ، الذي خصصته جامعة ألعاب القوى ، لكل عداء يحرز ميدالية من ذهب ، هو مائة مليون سنتيم ، وخمسون مليون مقابل الفضة ، وثلاثون مليون للميدالية النحاسية ، فكل عداء بطبيعة الحال سيسعى إلى الربح ، وربما السعي وراء الربح هو الذي دفع بالعداءتين الشقيقتين سلطانة وأمينة أيت حمو إلى تعاطي المنشطات ، وعوض أن يربحن الميداليات خسرن حتى المشاركة .
لا أحد إذن سيكره الربح ، لكن عندما تنعدم الوسائل ، خصوصا وأن عالم التدريب الرياضي يعرف تطورات متجددة يوما بعد يوم ، وتنعدم المسؤولية لدى المسؤولين الكبار ، فعزاء الرياضيين الوحيد ، هو أن يرددوا ذلك المثل الذي يقول : العين بصيرة واليد قصيرة . وعزاؤنا نحن أن نضع أيدينا على قلوبنا ، وننتظر ، لعل وعسى أن تحدث المعجزة ، ويأتي يوم يقدم فيه المسؤولون الحقيقيون عن كل هذه الكوارث الحساب ، وتعود الرياضة الوطنية للسير على سكة مستقيمة . ولا حول ولا قوة إلا بالله .