تحت شعار «العيش معا تحت سماء واحدة» نظم بمبادرة من وزارة الشؤون الخارجية لجمهورية تركيا، وبشراكة مع كل من وزارة الثقافة والمسرح الوطني محمد الخامس برواق هذا الأخير، معرض للمخطوطات تشمل مراسيم الإمبراطورية العثمانية ورسائل رسمية في عهدها. ويشتمل هذا المعرض على مخطوطات رسمية تؤرخ للإمبراطورية العثمانية منذ سنة 1458 مع السلطان محمد الفاتح إلى غاية 1919، مع وثيقة تعكس أمر السلطان الحاكم آنذاك بتعيين مصطفى عاصم أفندي رئيسا لمجلس الشيوخ، وهي مخطوطات تحيل على جميع المراحل التي مرت منها الإمبراطورية العثمانية من ازدهار ثم أفول، مع ما صاحب ذلك من حرص على حرية اللغة والمعتقد واحترام العادات الخاصة بكل بلد وقع تحت الاحتلال العثماني. ويتوخى هذا الملتقى إبراز مدى التسامح الذي كان سائدا في عهد الإمبراطورية العثمانية، حيث عاشت شعوب من إثنيات مختلفة «معا تحت سماء واحدة» لمدة قرون. وكان الباحث والمؤرخ التركي إبراهيم كولير قد ألقى قبل ذلك محاضرة حول «الفسيفساء الثقافية في الوحدات السكنية الغربية بإفريقيا الشمالية في القرن 18 : تونس نموذجا»، أبرز خلالها أن الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تمتد على ثلاث قارات، تمكنت من لعب دور الحكم بين ثقافات جد مختلفة، وذلك باحترام مكونات تلك الفسيفساء الثقافية التي أغنت الثقافة التركية. وأوضح هذا الباحث، الذي يدرس بجامعة استنبول، أن الدولة العثمانية اضطلعت أيضا بدور الموحد والحكم بين السكان الأصليين للبلدان التي احتلتها، معتمدة في ذلك على مراسيم لسلاطين كانوا يحترمون على الدوام عادات الشعوب وتقاليدها على مبدأ المساواة والتسامح. كما كانوا يأخذون بعين الاعتبار المظاهر الاجتماعية والدينية لمختلف الأمم والقبائل والمجموعات التي كانت تقع تحت نفوذهم. وأضاف أنه بفضل ذلك، تمكنت عدة جماعات دينية وعرقية كالعرب والأمازيغ واليهود والأندلسيين وشعوب البلقان وشعوب متوسطية أخرى، من الحفاظ على عاداتها وتقاليدها في الوقت الذي كانت فيه حضارة جديدة تطل برأسها من هذا التمازج الغني، محتضنة كل هاته الاختلافات الجميلة. وأكد أنه يمكن إيجاد انعكاسات لهذه الحضارة داخل عدد من الوحدات السكنية غرب تركيا، أي في الشمال الغربي من إفريقيا، خاصة في تونس، التي خصها السيد إبراهيم كولير باهتمام بالغ، متسائلا عن طبيعة حياة المواطنين العثمانيين بتونس، وطبيعة العلاقات التي كانت تجمع السكان الأصليين فيما بينهم، وطبيعة ثقافات المواطنين العثمانيين والأجانب المقيمين بتونس. وألقى كل من هالوك إيليكاك سفير تركيا بالمغرب وبنسالم حميش وزير الثقافة، كلمات اعتبرا خلالها أن المعرض يؤكد على قيم التسامح والحداثة والسلام، التي عرفتها تركيا إبان تحولها إلى إمبراطورية عثمانية وصلت إلى بلدان ثلاث قارات، غير أنها عرفت كيف تحافظ على عنصر التسامح كي تضمن إمكانية للتعايش. وأهدى سفير تركيا بالمغرب لوزير الثقافة المغربي لوحة تحمل مخطوطا هو عبارة عن أمر سلطاني بتعيين أول سفير من جانب الدولة العثمانية في المغرب بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، وكان ذلك سنة 1886، كما أهداه كتابا يشتمل على مجموع المخطوطات العثمانية في عهد الإمبراطورية.