أمام تزايد الشكايات لدى مختلف الدوائر الأمنية بالدارالبيضاء، إذ كانت كلها موجهة ضد شاب يسوق سيارة أجرة صغيرة، ومرة أخرى يكون على متن طاكسي أبيض كبير. وبعد أن اقتنعت عناصر الأمن من كون المعني بالأمر لا يعدو أن يكون شخصا واحدا، نظرا لما استخلصته من المعلومات والأوصاف التي جمعتها من خلال المشتكين المتعرضين للسرقة الموصوفة تحت التهديد بالسلاح. فإن الضابطة القضائية - رغم قلة عناصرها وإمكانياتها - أمرت عناصرها بتكثيف جهودهم للوصول إلى توقيف هذا السائق الخطير. ولم تمض سوى ثلاثة أيام على ذلك الأمر حتى تم توقيف المشتبه فيه بأحد الأزقة المتفرعة عن ساحة السراغنة، وهو يختار الزبائن الذين يجلبهم ويرفض طلب من يتقدم إليه. تصرفه هذا جعل بعض رجال الأمن المدنيين يتقدم إليه ويطالبه بأوراق الطاكسي الصغير الأحمر، فلم يجد من بينها رخصة السياقة الخاصة به هو كسائق. وفي اتصال هاتفي مع مركز الأمن مباشرة بعد توقيفه، وإعطاء أوصافه تأكد الشرطي الذي أوقفه أنه هو مبحوث عنه من أجل عدة سرقات مع استعمال الطاكسي كوسيلة لجلب ضحاياه. تم بالفعل نقل الموقوف إلى مخفر الشرطة لبحث معه، وتم حجز الطاكسي كوسيلة للإثبات. ومن خلال المعطيات الأولية التي دونها الضابط القضائي، محرر المحضر، تبين أن الموقوف كان يستغل انشغال والده الذي يمتهن حرفة سائق طاكسي، فيلجأ الى سرقة المفاتيح من المنزل في غفلة من أمه ويعمد الى سياقة أحد سيارتي الأجرة إما الأبيض الكبير أو الأحمر الصغير. وفي البداية كان غرضه هو استعمال الطاكسي لمغازلة الفتيات وتحريضهن على الفساد، إذ كان يختار فقط الفتيات لحملهن، وأمام حاجته لتعويض البنزين المستعمل فإنه بدأ يسلب النساء جواهرهن وهواتفهن ومالديهن من دراهم. وبما أنه يعرف جيدا أزقة الدارالبيضاء، فإنه كان دائما يختار إحداها التي تكون فيها الحركة قليلة إن لم نقل شبه منعدمة خاصة يبن أوقات دخول الموظفين والمستخدمين وخروجهم. نفس المعطيات بالمحضر تشير إلى أن المتهم كان غالبا ما يحمل ضحية واحدة حتى يسهل عليه تهديدها وسرقتها عند استعماله الطاكسي الأحمر، أما عند استعماله الطاكسي الأبيض، فإن الضحية تكون دائما البنت أو السيدة التي تبقى راكبة بعد نزول الركاب أو التي يقترح عليها أن يقربها أكثر إلى المكان الذي تقصده. بالطبع فإن المعني بالأمر كان يستعمل سكينا حادة يشهرها في وجه الفتاة أو المرأة سواء كانت راكبة في المقعد الأمامي إلى جانبه أو في المقعد الخلفي، الشيء الثاني الذي جعل البحث عنه، رغم تزايد الشكايات، هو أن بعض المشتكيات قدمن ضمن شكاياتهن ليس فقط أوصافه ولكن كذلك بعض الأرقام عن لوحة الطاكسي، لكن فرقة البحث جعلته يصرح لها أنه كان يلجأ الى تغيير «البلاكات» حتى لا يتم التعرف على الطاكسي وإلقاء القبض على أبيه، وبالتالي سهولة التوصل إليه هو. عناصر الضابطة القضائية التي أشرفت على إنجاز المسطرة في هذا الملف قامت باستدعاء كل الضحايا اللواتي سبق وأن تقدمن بشكاياتهن في مواجهة سائق الطاكسي الشاب. وسهرت على وضعه بين مجموعة من الشباب من ذوي الأعمار المتقاربة والصفات والملامح المتشابهة مع الموقوف، فتمكنت الضحايا من التعريف عليه بكل سهولة وتحرير محضر التعرف. بعد ذلك، جاءت مرحلة إعداد محضر المواجهة بين كل واحدة منهن والمشتبه فيه، فتعرفن عليه وواجهناه شارحات، كل واحدة من جهتها، كيف وأين تم الاعتداء عليها وسرقة نقودها وخاتمها وسلسلتها وهاتفها اليدوي. وأمام كثرة الضحايا، وبعد استنفاد الضابطة القضائية لفترة الحراسة النظرية القانونية، وطلب تمديدها كتابة من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء لمرة ثانية، فإنها عملت على تقديمه أمام النيابة العامة، حيث تم استنطاقه ومواجهته مع الضحايا الحاضرات - لكون بعضهن تخلفن - وبناء عليه سطرت في مواجهة المتابعة جناية السرقة الموصوفة باستعمال ناقلة ذات محرك طبقا لمقتضيات الفصل 509 من القانون الجنائي الذي تتراوح العقوبة المنصوص عليها ضمنه من 10 إلى 20 عاما. المتهم أحيل على غرفة الجنايات ليحاكم طبقا للقانون.