من حق النقابات الدعوة إلى الإضراب، من حق المضربين التوقف عن العمل للإحتجاج على قرار أو لمعارضة مشروع قانون أو للضغط على الحكومة أو رب العمل لتحقيق المطالب، لكن ليس من حق أحد كيفما كان وتحت أية ذريعة كانت أن يمارس «الإرهاب» على الغير للتوقف عن العمل، فالدستور كما يضمن حق الإضراب فإنه يضمن أيضا حق العمل. مناسبة هذا القول الممارسات التي صاحبت إضراب سيارات الأجرة على الأقل في حدود علمي بمدينة الدارالبيضاء، فقد تجند «فتوات» سيارات الأجرة لفرض التوقف الإجباري عن العمل على أصحاب الطاكسيات ، ولم يتوقف الأمر عند التهديد والوعيد، بل تجاوزها إلى الإعتداء على السائقين وإحداث أضرار في سياراتهم، «فتوات» الطاكسيات كانوا يجوبون بعض شوارع الدارالبيضاء بحثا عن «فرائس» أمام أعين رجال الأمن بالبيضاء، بل من رجال الأمن من كان يحذر أصحاب الطاكسيات الذين يشتغلون من المرور عبر شوارع بعينها لأن هناك من يترصد بهم! حالة من بين مئات الحالات التي عاشتها المدينة، فبحي الألفة ، على مقربة من حي الزبير، أوقف أحد الفتوات المعروف بين أصحاب الطاكسيات، سيارة أجرة وهدد السائق ب « طورنوفيس » قائلا له بالحرف : « غادي نبيسك أونربحك!» دون انتباه لما سببه من خوف لطفلين صغيرين كانا بصحبة والدهما توقف الطاكسي لنقلهم إلى المدرسة رأفة ببراءتهما ! حكايات كثيرة من صميم الواقع عاشتها مدينة الدارالبيضاء خلال الإضراب، حكايات تؤكد أن «المدينة» تعيش بالفعل في جو من السيبة وتحت رحمة بعض فتوات الطاكسيات لدرجة أن رئيس مجلس المدينة محمد ساجد وفي أحد لقاءاته صرح جهرا منتقدا الموقف السلبي لوالي البيضاء السابق والأجهزة الأمنية في مواجهة «فتوات» الطاكسيات وفي مواجهة جبروتهم وتعنتهم ومحاولات فرضهم قانونهم الخاص على الأجهزة الأمنية والمواطنين على حد سواء!؟ من دون الدخول في حيثيات الإضراب ودواعيه ومن دون الإسهاب في الحديث عن دوافع للحركة الاحتجاجية ومن دون الحديث إن كان من حق الجمعيات الدعوة إليه أم لا ولكي لايفهم من حديثنا أننا ضد الإضراب أو كوننا ندافع عن جهة ما، فإن مناسبة هذا القول مارافق الإضراب من سلوكات وتصرفات تحيلنا إلى زمن السيبة والفوضى، سلوكات تبين بأن هناك خللا ما في تدبير قطاع سيارات الأجرة بصنفيها الصغرى والكبرى. فمن يحمي هؤلاء العابثين بالقانون والساعين إلى فرض قوانينهم الخاصة ومنطقهم على الآخرين؟ الأمثلة كثيرة على تجاوزات هؤلاء و«تواطؤات» بعض الجهات ، فبحسب فاعلين في القطاع، فإن هناك عددا كبيرا من السواق الذين يستغلون سيارات الأجرة لايتوفرون على رخصة الثقة، وأكثر من ثلثي السيارات المتحركة لاتتوفر فيها شروط السلامة الميكانيكية ومع ذلك فإنها تتجول في شوارع المدينة من دون حسيب ولارقيب! تم إصدار قرار صباغة سيارات الأجرة واعتماد نموذج موحد، تم إقرار تجديد الأسطول الجائل، تم اقتراح اللباس الموحد على السائقين، تم فرض حزام السلامة عليهم، إلا أن كل هذا بقي مجرد حبر على ورق! وبجرد بسيط لملفات (لاكريمات) يظهر بالملموس أن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يستفيدون من حق الامتياز هذا لا تتوفر فيهم الشروط الموضوعية لذلك مما يطرح أكثر من سؤال حول المعايير الحقيقية التي كانت تنتهج لمنح حق الامتياز هذا؟