سعياً للحفاظ على التراث الأثري لمدينة الخليل الفلسطينية، أطلق عمد ثلاث مدن فرنسية وفلسطينية مبادرة دولية تهدف إلى صيانة المعالم الأثرية في مدينة الخليل القديمة التي ترزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967. وكان عمدة مدينة «أركاي» الفرنسية دانيال برييه قد أعلن في مؤتمر صحفي في مقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، منذ أسبوع، عن إنشاء «اللجنة الدولية لصيانة وترقية مدينة الخليل القديمة». و تضم هذه اللجنة في عضويتها شخصيات دولية مرموقة مثل الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي، والأمين العام السابق لليونسكو الأسباني فريديركو مايور، ووزير الداخلية الفرنسي السابق جان بيار شوفينمان، إضافة لعشرات المنتخبين ورجال الفكر والصحفيين من مختلف أنحاء العالم. وأوضح عمدة مدينة بلفور الفرنسية «إتيان بوزباش» أن هذه اللجنة ستعمل على التعريف دوليا بما أسماها المخاطر الجمة الناجمة عن استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي لمدينة الخليل القديمة، وقد شدد بوزباش على أن اللجنة ستسعى إلى إقناع اليونسكو بإدراج المدينة في قائمة المواقع التي تصنفها المنظمة تراثا إنسانيا عالميا، لأن من شأن ذلك الإجراء أن يشكل «حماية دولية للخليل القديمة ويمكن من الحفاظ عليها وتنميتها». وأضاف العمدة الفرنسي بوزباش أن القائمين على المبادرة وزعوا منشورات وأطلقوا موقعا إلكترونيا للتعريف بها، بالإضافة لنيتهم إقامة تظاهرات ثقافية وفنية لهذا الغرض في فرنسا والأراضي الفلسطينية، وإجراء اتصالات مع مديرة اليونسكو الجديدة إيرينا بوكوفا، ومسئولي الاتحاد الأوروبي ومختلف الفاعلين الدوليين بهدف إقناعهم بدعم أهداف المبادرة. وكان عمدة الخليل «خالد العسيلي» قد شجب بقوة الممارسات الإسرائيلية في المدينة، مشيرا إلى أن المدينة مقسمة منذ 1997 إلى قسمين، يخضع إحداهما لمراقبة السلطة الفلسطينية، بينما يقبع الأخر تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي. كما أوضح المسؤول الفلسطيني أن بلدة الخليل القديمة تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي الذي قسم الحرم الإبراهيمي، الذي يعود بناؤه إلى نحو 4000 سنة، إلى قسمين وسمح للمستوطنين بإقامة كنيس يهودي على أحد شطريه، وأكد أنه نتيجة لطرد الفلسطينيين من منازلهم تعرضت المباني ذات القيمة التاريخية إلى الإهمال، وقام الإسرائيليون ببناء عمارة للمستوطنين على موقع تل الرميدة الذي توجد فيه آثار رومانية ومملوكية وعثمانية. و كشف الدبلوماسي الفلسطيني عن وجود 500 موقع فلسطيني جدير بالانضمام إلى قائمة المواقع التراثية العالمية، مشيرا إلى أن القدسالشرقية تعد المدينة الفلسطينية الوحيدة التي صنفتها اليونسكو تراثا عالميا «بناء على طلب قدمه الأردن باتفاق مع الفلسطينيين». جدير بالذكر أن الأكاديمي الفلسطيني الدكتور أنور أبو عيشة كان قد أكد على خطورة سياسة الترحيل التي انتهجتها إسرائيل في المنطقة، مشيرا إلى أن «بلدة الخليل القديمة كان يسكنها في العام 1967 حوالي 37 ألف فلسطيني لم يبق منهم إلا عدد قليل لا يتجاوز 4000.».