رحم الله حسن أحد الوجوه البارزة في العمل النقابي بأسواق الجملة ببلادنا، عاش فقيرا ومات فقيرا - كما كان يردد والده عند تقبل العزاء- ، وهو التاجر بسوق الجملة بالدار البيضاء حيث يدير محلا تجاريا هناك. رحم الله رجلا من بين خيرة الرجال الذين آمنوا بالعمل النقابي المترفع عن الشبهات و لم يرضخ ولم يضعف أمام الإغراءات المادية التي كانت تعرض عليه في كل مناسبة، عاش وفيا للعمل النقابي النزيه ولتجار سوق الجملة أصحاب المتاجر ومستغلي المربعات، لم يتخل عن المهنيين والعمال، كان حاضرا رفقة زملائه في المكتب النقابي للدفاع عنهم . استطاع أن يفرض العمل النقابي رفقة زملائه داخل السوق عندما أحسوا أن البعض يتكالبون على التجار والمهنيين لتحقيق مآربهم الشخصية. رحم الله رجلا آمن بقضية وترك تجارته وتفرغ للدفاع عن حقوق العمال والتجار والمهنيين، رحم الله رجلا تميز بمواقفه الثابتة وتعففه. كان حاضرا في جميع المحطات النضالية، لم يكن متسرعا في اتخاذ القرارات أو متفردا في إصدار المواقف، كان يصر على استشارة الجميع ويأخذ بالمشورة من دون تردد. قبل وفاته بيوم واحد فقط تناولنا الإفطار معا وتوجهنا إلى محله بسوق الجملة كان يعج بالحيوية والنشاط و أراد أن يطلعني على التطورات الأخيرة بشأن الدعوى القضائية التي رفعها التجار على مجلس المدينة بخصوص السومة الكرائية وكيف أن المحكمة الإدارية حكمت لصالحهم، كان يريد أن يطلعني على تفاصيل اللقاء الذي جمعه بعامل عمالة مقاطعات مولاي رشيد وعلى الرسائل التي وجهتها إدارة الضرائب إلى التجار، جلسنا في مكتبه الذي انتهى للتو من تجهيزه وتحدثنا عن مشاكل السوق الحقيقية التي يكتوي بنارها التجار والعمال والمهنيون، وفي الأخير اتفقنا على موعد بعد زوال اليوم الموالي لكي يسلمني بلاغا نقابيا قال عنه بأنه سيكون شديد اللهجة وبأنه سيناقش مضمونه مع باقي أعضاء المكتب النقابي قبل نشره في وسائل الإعلام. وفي اليوم الموالي، هاتفني حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا ليخبرني بأن الموعد قد تأجل إلى موعد لاحق لم يحدد تاريخه وكأنه كان على علم بموعده مع القدر. فبعد زوال نفس اليوم، تسلل الغاز من حيث لايدري إلى غرفته حيث كان نائما وفعل فعلته التي جعلت تلك النومة نومة أبدية. رحل إذن حسن الهادي في صمت بالرغم من الحملة الإعلامية التي رافقت وفاته، ترك هذه الدنيا بهمومها ومشاكلها، ترك تجار وعمال ومهنيي سوق الجملة في منتصف الطريق، فبموته فقد هؤلاء سندا قويا لهم ومدافعا مستميتا عن مصالحهم، فقدو فيه الأخ والصديق والنقابي .. ولعل الحضور الجماهيري لحظة تشييع جنازته إلى مثواه الأخير أكبر دليل على الحب الذي كانوا يكنونه إليه ومدى الاحترام والتقدير الذي يلقاه. رحم الله حسن الهادي وأسكنه فسيح جنانه .وإنا لله وإنا إليه راجعون.