حلت مؤخرا الذكرى 20 لرحيل الموسيقار الكبير احمد البيضاوي، وبحق يعد البيضاوي هرما شامخا من أهرامات الاغنية المغربية والعربية. ساهم في النهوض بالأغنية الوطنية عزفا على العود. تلحينا وآداء، إضافة إلى مسؤولياته الادارية بالاذاعة وترأسه الجوق الملكي العصري ، فالوطني، وكان وراء ظهور العديد من الاصوات الغنائية. أحمد البيضاوي ، وإسمه الحقيقي أحمد بنشعبون، من مواليد الدارالبيضاء سنة 1918 ، وكان منذ صباه مولعا بالموسيقى، كان يسمع جميع الفنون .. و يحاول تقليد أي شيء يسمعه نظرا لحبه للتقليد. أهم ما ميز حياة البيضاوي الفنية ، هو اتجاهه نحو القصيدة الفصحى والشعر والموشحات الاندلسية مع بقاءه محافظا على الهوية والروح المغربيتين، وهكذا ادى للمشارقة قصائد نذكر منها: «انتظار» للشاعر المصري علي محمد طه ، يقول مطلعها: «طال انتظاري، في الظلام ولم تزل عيناي ترقب كل طيف عابر..»، ولأحمد شوقي قصيدة «عليك يا هاجر داتي» ، والدكتور صبري التجريدي: «كما بعثنا مع النسيم سلاما»، ولأبي العلا محمد «أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعه»، «صداح» لبشارة الخوري ، «حبيبي تعالى» للشاعر إلياس فرحات، وللشاعر الفلسطيني وجيه فهمي صلاح «ذ كرى فلاحي».. ، «يا حبيبي أفق» للشاعر السوري أنور العطار، اضافة إلى آداءه للعديد من القصائد الاخرى، «يابسة الأمل»، «ياباتع اللؤلؤ»، «هجران».. وللشاعر الاندلسي الكبير ابن زيدون أدى، «أضحي الثنائي»، «ياغزال» ، «شفتاك».. وفيما يخص الاغنية الدينية ، فقد برع في آداء قصيدة «البردة» للامام البصيري. ووطنيا، غنى البيضاوي لشعراء كبار نذكر: محمد بن الراضي، القصيدة الوطنية، «يا صاحب الصولة والصولجان» ، التي أداها في أوج الصراع ومواجهة الاستعمار، وتغنى من خلالها بالملك الوطني محمد الخامس، معبرا خلالها عن وطنية صادقة ومما جاء فيها: «ياصاحب الجولة والصولجان تمل بالملك وعش في أمان محصنا من عاديات الزمن في ظل خافقين أحمرقان وقلب شعبي دائم الخفقان من حبه المشفوع بالطوقان».. إلى أن يقول: «نحن شباب قطرك الماجد نرفع عنك ضرر الواحد نفديك بالام وبالوالد نحن الشجاني حلق الحاسد...»، ومع بروز فجر الاستقلال وضع الشاعر محمد بلحسين، نشيد التحرير، وبرع في أداءه البيضاوي: يا موطني نلت المراد فاسلم فانت منى في الحشا وفي الدم أنت نشيد المجد في كل فم أنت شعار العز منذ القدم أرواحنا دماؤنا فذاك فلن يدوس غادر حماك يا موطني إياك أهدي أبدا حرا طليقا ظافرا سجدا...»، وأدى للشاعر عبد الفتاح القباج «هذا حبيبي»، ولمحمد حكم «يا حبيبا»، وللحاج عثمان جوريو ، وهو بالمناسبة أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 1944.1.11 قصيدة «سائلو عنه المعالي».. ومن الروائع التي وضع لها البيضاوي الالحان وأداها: «أنشودة الحب» ، والتي كتبها الزعيم علال الفاسي في منفاه بالكابون وما جاء فيها: «صاحبي لو رأيت مايملأالقلب من الحب للجمال عشقت إن دينا الغرام أحلى وأغلى من جميع الدنا التي قد رأيت خلق الله للعوالم دنيا ملئت ظلمة وظلما وخوفا وترى للمحب دنيا لديها من فنون الجمال مادق وصفا...»، أحمد البيضاوي سيظل معلمة فنية ومرجعية موسيقية كبيرة، ورائد من رواد الفن الاصيل..