.. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي . لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ... هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون. عبد الحميد بنبراهيم 1943 ? 2009 عازف الناي المتميز حميد بنبراهيم (عبد الحميد بنبراهيم ) من مواليد مدينة الرباط سنة 1943، أكمل تعليمه الثانوي بمدرسة محمد الخامس ، اضطرته الظروف العائلية إلى ترك المدرسة للعمل مبكرا . تردد على أحد المعاهد بديور الجامع لتعلم العزف على الناي ، التحق بالمعهد الوطني للموسيقى الذي افتتح في بداية الإستقلال على يد الموسيقار الراحل عبد الوهاب أكومي ، حيث درس لمدة خمسة سنوات ، ونال شهادة المعهد ليلتحق بالجوق الذي ضم خيرة الطلبة الناجحين ، هذه المجموعة كانت تسمى جوق المنوعات للإذاعة الوطنية بقيادة أحمد الشجعي. في سنة 1957 فاز كأحسن عازف . كان يعزف على الناي وعضو سابق بالجوق الوطني لدار الإذاعة والتلفزة المغربية، منذ سنة 1958 وبداية الستينيات من القرن الماضي ، حيث كان أصغر العازفين المتواجدين بالجوق . انضم إلى الجوق العصري للإذاعة برئاسة الموسيقار أحمد البيضاوي ، حيث كان عازفا على آلة العود ، وسنه لا يتجاوز 16 سنة . وعند تأسيس الجوق الوطني برئاسة الموسيقار عبد القادر الراشدي أصبح ضمن النواة الصلبة بالجوق ، إلى جانب كل من صلاح الشرقي ، ومحمد سميرس ، والجيلالي بلمهيدي ، وعمر الطنطاوي ، وأحمد الغرباوي ، وعبد الرحيم السقاط وآخرون . عبد الحميد بنبراهيم ملحن كبير وعازف الناي بامتياز، قدم الكثير من الألحان الناجحة ، وكان له دور في تكوين أجيال عديدة من الموسيقيين ، كما اكتشف أصوات غنائية مهمة . له مسار طويل من العطاء والإبداع الفني المغربي . أسس العديد من المدارس الفنية بالرباط والدارالبيضاء . ، من بينها معهد بتمارة للناشئين تكون فيه عدد من المواهب . كما أسس جوق النجوم ، وكان ملم بالثقافة متدوق للكلمة العذبة . من ألحانه : «رموش» التي غناها الفنان عبد الهادي بلخياط ، وكان الراحل عمره لايتجاوز 23 سنة ، و كذلك «كم ذا أريد» للشاعر الأندلسي الشهير ابن زيدون . و «ذكرى طفولة» التي غناها محمد الحياني ، و»صوت الفلاح» غناها عبد المنعم الجامعي ثم غنا له في بداية مشواره أغنية «نهاية» ، ثم أغنية «إحساس غريب» غنتها الفنانة عائشة الوعد ، و «سرب لحمام» غنتها صباح الشنا ،وغنا محمود الإدريسي «القلب التائه» ، و « ساعة اللقاء» و «أتراك» أدتها سمية قيصر وهي من شعر الأمير عبد الله الفيصل .... توفي جوهرة الجوق الوطني حميد بنبراهيم يوم 26 يناير 2009 ، عن سن تناهز 72 سنة بعد صراع طويل مع المرض لم يمهله طويلا . وشيع جثمانه يوم 27 يناير 2009 بمقبرة الشهداء بالرباط . قال عنه بعض أصدقائه وزملائه في الفن ، نذكر من بينهم : الزجال المغربي محمد الكزار «كان من أمهر العازفين في المغرب ، وفي العالم العربي على آلة الناي كما كان ملحنا متميزا» .. أما الملحن أحمد العلوي فقال « كان يمتاز بذكائه الموسيقي الكبير وسرعة التقاطه للجمل الموسيقية والدور اللحني» . أما الملحن عبد القادر وهبي فقال «كان فنانا مبدعا ومجددا ، ومن بين أمهر العازفين على آلة الناي في العالم العربي ..» . ثم الملحن عبد العاطي أمنا الذي قال «يعد من كبار الملحنين المغاربة ، الذين أرسوا أسس الأغنية المغربية في شقيها العاطفي والوطني « . في حين قال الملحن عبد الله عصامي «أن الأغنية المغربية تفقد برحيله هرما من أهراماتها ، الذي كانت له مكانة خاصة في قلوب الجميع كفنان جدير بالإحترام « . ووصفه الفنان المهدي عبدو بأنه «يمتاز بذكائه الموسيقي الكبير وسرعة التقاطه للجمل الموسيقية والدور اللحني» . كان عبد الحميد بنبراهيم يقول دائما حسب مرافقيه : «أنا لا أقول بأنني من الفنانين الممتازين إذ الحكم في ذلك يعود دوما للنقاد في هذا المجال ... ويضيف... لكنني أرتاح كثيرا عندما أعزف على الناي وأفضل أن أعمل في صمت وأن يكون إنتاجي في المستوى الذي يشرف الأغنية المغربية « .