بعد الانتهاء من إجراء مختلف الاستحقاقات الانتخابية المحلية الجماعية والإقليمية والجهوية لسنة 2009، لا يمكن للمرء الغيور على بلده إلا أن يجد نفسه محبطا ويائسا ومتشائما. إن ما عاشته جهة الغرب الشراردة بني احسن كنموذج من ممارسات دنيئة، أكد بالملموس موت السياسة ومحدودية فعل الدولة في هذا المجال. كما تأكد بالموازاة حاجة البلاد إلى حوار وطني بشأن السياسة والأخلاق. بالفعل، من خلال تتبعنا لمختلف مجريات انتخاب أعضاء المجالس الإقليمية والجهوية، لم نتمكن من لمس الالتزام السياسي إلا في حالات قليلة جدا إلى درجة يمكن أن ندفع بانعدامه، وبالمقابل، شاعت ظاهرة بيع وشراء الأصوات والذمم بشكل فظيع. فالصوت الذي لم يتجاوز ثمنه في الاستحقاقات الإقليمية والجهوية السابقة ألف درهم، تجاوز اليوم 2500 درهم جراء الصراع وحب السلطة والسيطرة. لقد عاشت الجهة سوقا للمزاد العلني في واضحة النهار. لقد وصل الحد إلى اصطفاف المستشارين الجماعيين في أحد المصانع بالجهة لانتظار دورهم لقبض 2500 درهم كثمن لأصواتهم وذممهم. ومن جهة أخرى، فإضافة إلى المجهودات لتعميم عملية الشراء على كافة المستشارين لتكريس هذه الممارسات في أفق ترسيخ اعتبارها ظاهرة عادية، اكتشفنا، من خلال تتبعنا لمجريات انتخاب مكاتب مجالس العمالات والأقاليم والجهات، ظاهرة جديدة في المسلسل الانتخابي أطلق عليها المستشارون مصطلح "التعويض". ومفاد هذا المصطلح، أن أباطرة المال ينهجون استراتيجية محكمة لتخفيض التكاليف المالية في ما بينها في عملية شراء الذمم لتكون بذلك الرابح الأكبر في المسلسل برمته. فالأعضاء الذين اعتمدوا على مواردهم المالية الخاصة لشراء الذمم يتم تعويضهم من طرف الأطراف القوية مقابل دعمهم لهم. وعلى مستوى أعلى، هناك من يقول حتى الأطراف القوية تعوض بسخاء من طرف من سيتحمل المسؤولية جهويا (تقسيم الأدوار حسب المراحل). وأمام هذا المشهد المحبط، لا يملك المرء إلا أن يحس بالمرارة، والألم، والإحباط، ولا يمكن له أن يستنتج إلا حقيقة واحدة مفادها أن السياسة بالمغرب تحتضر وأن مستقبل أبنائنا في خطر. لقد سيطر أباطرة المال والفساد على حياتنا ومؤسساتنا ويشكلون خطرا حقيقيا على تربية أبنائنا. لقد أصبحت الجهة مرهونة لمصالحهم وكأنها ضيعة شاسعة في ملكيتهم يستنزفون خيراتها إلى درجة أصبحت من أفقر جهات المملكة. إنهم (حزب "التعويض") يلجؤون إلى كل الأساليب غير المشروعة للحفاظ على احتكارهم للسياسة من خلال محاربة المسؤولية والشفافية والكفاءة والفكر.