إذا الشبكة البرامجية في الواقع تعاقد بين المؤسسة الاعلامية والمتلقي.. حيث تلتزم المؤسسة بمراعاة ايقاع الحياة اليومية للمتلقي واختيار اليوم المناسب لكل برنامج، والمشاهد من جهته يتقبل طواعية أن يضبط ايقاع مواعيده اليومية على الساعة التلفزية فالواضح أن القناة الأولى والثانية أخفقتا بشكل عام في وضع شبكة برامج رمضانية نموذجية شفافة. فالملاحظ أن القنوات التلفزيونية المغربية تنساق وراء إغراءات الاحتضان والرعاية لما يمثله من دعم مالي لميزانية المؤسسة الاعلامية دون الاكثرات بما قد سيترتب عن هذا الانسياق من فتح تام لمجال اختيار المواد المبرمجة من قبل المؤسسات الراعية أو المحتضنة التي تتعارض أحيانا وتوجهات واختيارات المؤسسة الاعلامية مما يجعلها في عدد من المرات أمام انتاج برنامج، ولا تعلم أين ستضعه، فتجد نفسها تكرر ذاتها. والأسئلة التي تفرض ذاتها في هذا السياق هي: هل الأمر يتعلق بقلة تصورات البرامج؟، وهل ما تم إيداعه من تصورات غير قابل للتحقق، وضعيف المستوى؟، وهل لا تتوفر القنوات المغربية على خلايا للانتقاء لتوسيع مجال انتاج واقتناء وبث الرامج ؟. أم أن تمة مسارات موازية لانجاز شبكة البرامج، وكأن الأمر يجري كالآتي: عدد من مؤسسات الانتاج تتوصل باقتراحات من «مديرية البرمجة»، وليس مديرية «البرامج» و«الانتاج»، لأجل تنفيذ انتاج برنامج معين، مع قبوله مسبقا بالإضافة إلى غياب طلب إبراء الذمة لعدد من مؤسسات الإنتاج المتعاملة مع القنوات المغربية، وكذا عدم تقديم «طلبات العروض»، والتأكد من كون مؤسسات الانتاج المتعامل معها في وضعية قانونية وإدارية جيدة مما يحيل أن مبدأ الشفافية ربما غائب أو لا نعثر عنه في القناتين الأولى والثانية ضمن مسطرة اقتراح تصورات البرامج وقبولها التي تتم في غالب الأحيان بشكل اعتباطي جدا. والخلاصة أن نجاح القناتين «الأولى» و«الثانية» في عملية اختراق الجمهور للمشاهد المغربي ليست فقط عملية إرسال للبرامج بأي طريقة كانت وإمكانية تعرض الجمهور لها في شتى الظروف، بل هي سيرورة، أي مجموعة عمليات متسلسلة مرتبطة ومندمجة في ما بينها، وأيضا هي نتيجة لمدى توفر هذه القنوات على جملة من الإجراءات الموازية للعمل الإعلامي غير الاعتباطي.