إن ماتقدمه كل من القناة الأولى والثانية خلال هذا الشهر الفضيل ضمن شبكة برامجهما الرمضانية من انتاجات فكاهية يجعل المتتبع للشأن التلفزيوني يتذكر بشكل مستمر مقولة عالم الاجتماع اوليفيي مونغان أن «أكثر ما يثير الضحك في التلفزة، هو التلفزة نفسها». فهذه الجملة التي جاءت في مقالة لعالم الاجتماع مونغان بعنوان «على التلفزة، نضحك بشكل سيء» تلخص بالفعل الواقع التلفزيوني الذي نعيشه في كل القنوات التي نتوفر عليها. فقنواتنا التلفزية تتلكؤ في مراقبة برامجها ولا تعمل على تقييمها بما في ذلك البرامج التي «تثير الضحك» والتي «ينبغي أن تساير زمننا الحالي لتعكس صورة حقيقية وموضوعية لمغرب في طور التطور. غير أنها ولفرط مسؤولياتها ومهنيتها العالية لاوقت لها ولمسؤوليها لفعل ذلك. فأغلب البرامج الفكاهية التي يقدمها التلفزيون المغربي لا رسالة له، برامج تقدم للمشاهد المغربي البلادة، أكثر من الترفيه. لقد تراجع الضحك المتلفز ولم يعد يحرك مخيلة المشاهد وذكاءه، بل أصبح يتخبط وسط موجة من التكرار والاستبلاد. وبالموازاة، مع كل هذا أصبحنا نسجل ظهور نوع جديد من الفكاهيين، أكثر بساطة وأكثر أزعاجا يسيرون في تفاوت مع الزمن، لا ينسجمون مع الحاضر ولا مع المستقبل يريدون إضحاك المشاهدين ويرفقون وجبة الفطور بفكاهات تضع على عقولنا غطاء البلادة. فنانون أغلبهم لا حمولة ثقافية واجتماعية أوسياسية لهم». ولللفنانين المغاربة الفكاهيين من طينة أؤلائك الذين أمطرونا ب«سيتكومات» قيل أنها «فكاهية»، خلال الشهر الفضيل، ولمن يختارهم أيضا نهمس ونجدد القول كون «الفكاهة لا تخلق بين عشية وضحاها، بل تتطلب عملا شاقا ونفسا طويلا، بحثا معمقا ومعرفة عميقة للبنيات المجتمعية وتطورها ولا يمكن ان تمارس الفكاهة لشهر واحد، فإما ان تكون فكاهيا او لا تكونه».