تنطلق الفرجة التلفزيونية الرمضانية ومعها تنطلق أسئلة المشاهدين العاديين وأسئلتنا أيضا كمتابعين للشأن التلفزيوني حول مدى جودتها وقيمتها التلفزيونية، فمن الصعب أن نقدم تقييما أوليا لأداء القناتين، الأولى والثانية، في ما يتعلق ببرامجهما الرمضانية انطلاقا مما شاهدناه في اليومين الأولين. وكمتابعين للشأن التلفزيوني، نحن في حاجة، كما المشاهدين العاديين، إلى وقت كاف لتقييم ما اقترحه علينا التلفزيون المغربي بكل قنواته، سواء تعلق الأمر بالإنتاجات الفكاهية أو التخييلية المغربية أو المقتنيات الدرامية الأجنبية، أو تعلق الأمر بمسلسلات أو أفلام. لكن المؤكد أن هذا الشهر الفضيل قد صار موعدا سنويا للتباري من أجل استقطاب أكبر عدد من المشاهدين، وصار بالتالي سوقا إشهاريا تتنافس فيه الشركات المعلنة من أجل استغلال أكبر حيز في الفضاء الإشهاري المتاح، وتتبارى فيه أيضا عدد من مؤسسات الإنتاج التلفزيوني لتوزيع «كعكة» البرمجة الرمضانية في ما بينها. لقد حصلت عدد من مؤسسات الإنتاج التلفزيوني على «ملايين» الدراهم، أما نحن فننتظر انتهاء هذا الشهر العظيم لنتوقف على مدى استحقاق كل واحدة من هذه المؤسسات ل«جطها» المالي هذا. وفي انتظار ذلك، لابد أن تبرهن مؤسسات الانتاج التلفزيوني هاته للمغاربة جميعا على أن انخراطها في تنفيذ انتاج مشاريع تلفزيونية ليس «لحظة تلفزية مالية» عابرة، هدفها الأسمى تحقيق الغنى والثراء، بل هو «لحظة تلفزية مبدعة» تساهم من خلالها في إنتاج استراحة تلفزية تشكل متنفسا للمشاهد دون أن تبعد التلفزيون عن دوره التربوي ونشره للقيم المجتمعية النبيلة. إننا مازلنا في بداية هذا الشهر الكريم والأعمال المقدمة لاتزال تعرف بنفسها، وإن كان بعضها يعلن عن حقيقته بعد بث حلقاته الأولى، وأملنا أن تكون البرمجة الرمضانية الحالية في مستوى أفق انتظار الجمهور المغربي، الذي إلى جانب تغيير عاداته الاستهلاكية والسلوكية، سيغير عادات مشاهدته للتلفزيون في شهر رمضان، غير أن الأمل والطموح بأن نستمتع ببرمجة رمضانية تحترم نفسها والمشاهد يختلط بشيء من الريبة والتخوف. إن عدم إقدام القناتين على تنظيم ندوة صحافية لتقديم شبكة برامج القناة في رمضان، ينم في كل الحالات عما عاشته القناتان من «صعوبة» في تدبير الفرجة التلفزيونية الرمضانية على شاشتيهما، إنتاجا وبرمجة دون استبعاد عوامل خارجية في عملية التأثير، تجعلها غير قادرة على تصور ردة فعل الصحافة المتخصصة في حال عقدها ندوة تحضرها صحافة مشاكسة. [email protected]