سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اجتاز امتحانا كتابيا في مباراة للدرك وحصل على دبلوم في المعلوميات مأساة شاب من خنيفرة فَقَد أصبعه بتطوان خلال مُباراة السد التي جمعت فريق مدينته مع الحسيمة
كما هو معلوم أجرى فريق شباب أطلس خنيفرة لكرة القدم مقابلة السد مع فريق رجاء الحسيمة في ضيافة الحمامة البيضاءتطوان، ذلك بعد كلمة توجيهية من عامل إقليمخنيفرة، واعلي حجير، ألقاها أمام أعضاء الفريق، قبل أسبوع من تاريخ «المنازلة»، وحثهم فيها على بذل كل ما بوسعهم لأجل العودة بنتيجة إيجابية تعيد المجد الضائع للنادي، وتحقق تطلعات وانتظارات الشارع الرياضي المحلي، وفي الوقت ذاته وعدهم المسؤول الإقليمي بمنحة هامة عند النجاح في اجتياز المقابلة نحو الصعود إلى الحظيرة الوطنية، وإثر ذلك قام أنصار الفريق وعشاق النادي بتنظيم رحلات تشجيعية، وموازاة معها قامت السلطات الإقليمية بوضع حافلات رهن إشارة الجمهور بمبلغ رمزي، المبادرة التي سهلت على الكثيرين مرافقة فريقهم إلى تطوان، ومن بين هؤلاء الجمهور كان الشاب محمد بنعْمر، الملقب بين معارفه باسم «حمادة»، هذا الذي لم يكن يتوقع أنه سيترك عضوا من أطرافه بهذه البلدة في واقعة مأساوية مرت في زحام الملعب وبقيت دونما أدنى اهتمام مع أنها تدعو إلى التعاطف والإنصاف. وداخل فضاء الملعب التطواني اختار الجمهور الخنيفري مقاعده في الظل بالنظر لقساوة خيوط الشمس الصيفية، إلا أن أحد المرافقين لهذا الجمهور اقترح عليهم الاقتراب من الملعب لتشجيع ومساندة الفريق عن قرب، إلى هنا كل شيء كان عاديا، وبعد ست دقائق من الشوط الأول أعلنت صفارة الحكم عن ضربة جزاء لفائدة الفريق الخنيفري ليندلع الهتاف والصياح بالحماسة المعروفة في مثل هذه الأحوال، وبينما كان الشاب محمد بنعْمر يضع كفيه على أسلاك السياج شاءت الأقدار أن يتعلق خاتم أصبعه الوسطى من يده اليسرى في هذا السياج، ولم يكترث أحد لصراخه، حيث كان الجميع في حالة هيجان وشد وجدب للسياج وأعناقهم متدلية في انتظار ما ستقوله ضربة الجزاء، لتقع المأساة عندما بُتِر رأس الأصبع في مشهد لم ينتبه إليه أحد إلا صاحبه الذي ترك الملعب وخرج مسرعا نحو مستشفى تطوان على أمل إعادة الأصبع إلى حاله الطبيعي بأبسط العمليات الجراحية. وبعد مضي حوالي ساعة ونصف من الألم والرعب النفسي، وصل الطبيب المنتظر وعاين الحالة، وكم كانت المفاجأة رهيبة في أن فضل هذا الطبيب، وبطريقة عشوائية، بتر الأصبع من جذوره دون بذل أية محاولة لإمكانية علاجه، بل لم يعط أدنى فرصة للمصاب من أجل الموافقة على نزع الأصبع، كما لم يعرض عليه أية وثيقة في هذا الشأن، ولما رجاه الشاب أن يحاول معالجة الأمر بالحفاظ على الأصبع، أو على الأقل علاج الجزء المصاب، اكتفى الطبيب باتخاذ قرار «بتر الأصبع» بكامله، وتسليم وصفة دواء لصاحبه بطريقة عادية كما لو يتعلق الأمر بحالة زكام وليس بعضو من جسد شاب في ربيع العمر كتبت عليه «الجلدة» أن يسافر خلفها مهووسا محبا حتى أداء ثمن ولائه لها دونما مكافأة أو تعويض ولا حتى رسالة تآزر، فهل هذا ما يساويه الجمهور؟ أي الجمهور الذي بقي وفيا لفريقه بالرغم من نزوة بعض «اللاعبين» الذين حاولوا «خيانة الأمانة» عن طريق المتاجرة في الضمير على حساب الفريق ولاعبيه الشرفاء. ويمكن وصف حالة أفراد أسرة الشاب محمد بنعْمَر التي خيم عليها الحزن، بدءا من والده ووالدته التي تغلبها دموعها كلما حدثها أحد عن فلذة كبدها، وأخواته أيضا حيث الألم ما يزال عنوان قلوبهن، والأرجح أن حالة «حمادة» ستكلفه طموحه في وظيفة تؤمن مستقبله، حيث اجتاز امتحانا كتابيا في مباراة للدرك (التقنيون المختصون) وينتظر اجتياز شطر الشفوي وما إذا كانت مصالح الدرك ستراه بعين الرأفة والرحمة، مع إشارة ثانية إلى أنه حصل قبل أيام قليلة على دبلوم شبكة المعلوميات من معهد التكنولوجيا التطبيقية بخنيفرة، والمؤكد ألا يقبل أي واحد من «جماهير الملاعب» بمثل حالة «حمادة»، أي محمد بنعْمَر، الشاب المعروف بين معارفه وأصدقائه وجيرانه بطيبوبته وسلوكه الهادئ. الشاب محمد بنعْمَر، ابن «الدْيُورْ الحُمر» (حي الأطلس) بخنيفرة، البالغ من العمر 21 ربيعا، وهو الذكر الوحيد بين شقيقاته الست، ينتظر إنصافه سواء من جانب المشرفين على ملعب تطوان، أو المكتب المسير لفريق شباب أطلس خنيفرة أو المكتب المديري، أو الجمهور الرياضي والسلطات المحلية والإقليمية، إذ من الصعب والعار فعلا التعامل مع قضيته بالتنكر، وحالته تدعو إلى التعاطف معه ولو من الجانب الأخلاقي والإنساني، وهذا ما نريد أن نسجله من المسؤولين والغيورين على الكرة الزيانية وجمهورها، ويبدو أن «حمادة» سيحتاج إلى الكثير من الوقت كي يتغلب على معاناته النفسية جراء ما حدث.