العنف عند الطفل يكون مثيرا دائما، مبهرا أحيانا، وهذا، احتمالا، قبل كل شيء لأنه عنف يخيف ويمس طبيعة العلاقات الإنسانية نفسها، سواء داخل الأسرة، في المدرسة أو في الشارع. ليس هذا الانشغال جديد وكذلك العدوانية والعنف. لكن تساؤل وقلق الآباء، المدرسين، والراشدين بصفة عامة جديدان، لأن التساؤلات التي يطرحها الأطفال العنيفون مهمة جدا وتعيد طرح لا فقط سياقها المباشر - أسرة، مدرسة، الحي، بل تعيد طرح النقاش المتعلق بمجموع المجتمع» هذه بعض الأفكار التي يطرحها كتاب (1) عن عنف الأطفال نقدمها في حلقات يقاوم الاطفال ذوي الاضطراب الاعتراضي أو الاحتجاجي المستلزمات والحدود المفروضة حتميا بواسطة الحياة داخل المجتمع أو بطبيعة الأشياء. فهم يرفضون، مثلا، الالتحاق بفراشهم لكي يناموا في وقت معقول أو أن ينتظروا دورهم في القسم، ولا يرون لماذا قد ينبغي يتدثروا بملابس ساخنة عندما ينزل الثلج. عندما نقول لهم لا أو يكون مجبرين على الامتثال والطاعة. تكون نوبات الغضب والضغينة متواترة ومستطالة، كما هو الامر بخصوص الضرب وحركات عدوانية أخرى صادرة عنهم. كذلك يرفض هؤلاء الاطفال التسويات المعقولة تماما ويرفضون قبول تحمل المسؤولية في ما يصدر عنهم عندما تؤاخذهم على ذلك، وعندما تتسبب تصرفاتهم في مشاكل. وحتى عندما تكون متسمة بالغلو، فإن تلك السلوكات تبرر فعلا في رأيهم بمستلزمات غير معقولة لمحيطهم وبظروف يرونها ظالمة. الى جانب الاعتراض والاحتجاج ينضاف الاستفزازات. إذ لهؤلاء الاطفال دائما اتجاه للرغبة في تجريب الحدود وإعادة النظر في المستلزمات المفروضة، حتى عندما لا تكون جديدة. فهم يجدون أو يبدو انهم يجدون متعة في استفزاز وإغاظة الآخرين. بالمقابل نادرا أما تكون لديهم روح الدعابة ويقبلون على مضض ان يتم استفزازهم. ويمكن ان تظهر عليهم علامات التأثر من جراء ذلك. وأخيرا فهؤلاء الاطفال أقل صبرا، يشعرون بالإحباط بسرعة ويتخلون بسرعة عن المهام التي تتطلب أقل صبرا، يشعرون بالإحباط بسرعة ويتخلون بسرعة من المهام التي تتطلب نوعا من المجهود أو الالعاب التي تضايقهم. تتجسد تلك المميزات التي تتقاطع بالطبع في »علامات مميزة« متنوعة. إذ أنها تمثل أعراضا سريرية بشكل صارخ. صحيح ان هذه السلوكات تعاين لدى معظم الاطفال العاديين. من هذه العلامات المتعلقة بالاضطراب الاعتراضي والاحتياجي المصحوب باستفزاز نذكر ما يلي: 1 للأطفال الاحتجاجيين لازمتان مفصلتان: »لا أريد«، »ليس معقولا«. 2 يتذمرون ويتشككون بتواثر داخل البيت بصفة خاصة، وكذا في المدرسة. 3 يستشيطون غضبا بسرعة، أحيانا بسبب جزئيات لا يتوقف عندها أغلب الاطفال في نفس السنن. 4 يجدون صعوبة في استرجاع هدوئهم عندما يغضبون. 5 يتشاجرون من أجل المشاجرة، فهم غالبا ما يتوقفون عند جزئيات غير ذات أهمية (مثلا لون فرشاة أسنان) ويعترضون على أمور لا مفر منها (الذهاب للنوم). 6 يقامون من أجل كسب الرهان، يعرفون كيف يلحون لنيل ما يريدون ويجبرون الراشدين بانتظام، المحيطين بهم، على تغيير رأيهم لتهدئة الوضع أو للظهور بانطباع جيد أمام الملأ. 7 يطروحون كثيرا من الاسئلة لكنهم يرفضون الإجابة على الاسئلة التي نطرحها عليهم. 8 يتظاهر بعدم سماع ما قيل لهم. 9 يحبون الضحك على مصائب الآخرين، لكنهم يصبحون عدوانيين عندما يضحك منهم الغير. 10 يمكنهم التلفظ بعبارات نابية ويجرحون عواطف المقربين منهم، خاصة داخل الأسرة. عندما تكون هذه السلوكات متعددة وصارخة، وعندما تستمر لعدة شهور وتضر بنمو الطفل، فإنها تفترض وجود اضطراب اعتراضي لديهم. لذلك فإن الآباء الذين لا يكتشفون في تلك الاعواض خاصية أو اثنين ولو تكون عابرة وعارضة لدى أطفالهم، فإن ثمة عشاوة تعمي أبصارهم أو أنهم مقيمون في كوكب آخر. تخفي تلك العناصر كون تمظهرات الاضطراب الاحتجاجي تتوقف جيدا على الظروف التي تمت فيها معاينة الطفل وغالبا الساعة التي تمت فيها المعاينة. من جهة أخرى، يمكن ان يكون الاضطراب صعب التقييم في وسط سريري وفي زمن محدد، خاصة عندما يكون الآباء والطفل وحدهم مصدر للمعلومات. يعكس الاطفال الذين لديهم اضطراب في التصرفات مجموعة من السلوكات العدوانية التي لها نتائج وخيمة: مشاجرات، تهديدات واستفزاز داخل الاسرة، في المدرسة أو في الجوار. المدرسون يرفضون أو على الاقل يسعون الى تجاهل الاطفال الذين لهم اضطراب سلوكي، خاصة عندما يكونون عدوانيين، لأن المدرسين يخافون منهم. نضيف الى ما قلناه ان هؤلاء الفتية يوجدون اعتياديا في وضعية فشل مدرسي. كم هو عدد الاطفال، في المتوسط، يجسدون اضطرابا اعتراضيا واضطراريا أو اضطرابا في السلوكات؟ في أي سن تبدأ هذه الصعوبات؟ هل اضطرابات السلوك تكون وقفا على اضطرابات الاولاد؟ في هذه النقطة الاضراب يكون متواترا عند الاولاد كما عند البنات (ولدان مقابل بنت). ثمة ملاحظة وهي ان اضطرابات السلوك، العدواني واولعنف ليست مترادفة. وهي نقطة مهمة. إذ ان الاطفال ذوي الاضطراب الاحتجاجي او الاضطراب في التصرفات ليسوا كلهم عدوانيين ولا عنيفين. تكون اضطرابات السلوك مقترنة بمشاكل عدم الانتباه وبفرط الحركة. لذلك تنعقد تلك الاضطرابات بأن يكون الطفل طائشا، غير منظم، الخ، على ان مشاكل عدم الانتباه وفرط الحركة يؤشران في الغالب الى بداية مبكارة لاضطراب التعامل. عن ذلك تنجم اضطرابات ضيف نفسي وقلق، اكتئاب. كذلك تسير الصعوبات المدرسية والسلوكية جنبا الى جنب تتزايدان معا. تلك هي الوضعية عندما يؤشر الطفل على صعوبات أخرى مبكارة إدراكية لغوية. أو على مستوى النمو، التواصل وعلى الرغم من أنني انتباه، فإن مفهوم الاضطرابات السريرية يجب ان يستعمل مع ذلك بحذر شديد. إذ بالإمكان ان يؤدي الى توضيع السلوكات المضادة للمجتمع التي يقوم بها الاطفال، بدءا من الاحتجاج البسيط وصولا الى الاعتداءات الاكثر خطورة. وكيفما كان شكلها، فإن عدوانية طفل ليست أبدا مشكلا أو مرضا قد يكون من المرغوب فيه ان يتخلص منه، كما نبحث مثلا على الشفاء من نزلات البرد أو حادثة. فالعدوانية والعنف يندرجن دائما في نسيج اجتماعي. بتعبير آخران طفلا عنيفا لا يمكنه ان يتغير من تلقاء نفسه ولوحده، كما انه لا يمكن ان يكبر لوحده. مهما تكن النتيجة النهائية فإن نمو طفل وترعرعه هو عمل جماعي، بناء مشترك.