قبل أربعين عاما وصل أول إنسان الى القمر، وخطا نيل أرمسترونغ خطوة صغيرة فوق الكوكب المضيء. أرمسترونغ، الذي فاجأته الشاعرية وهو يطأ الكوكب الذي يحبه الشعراء، وجد الصيغة المثلى للتعبير عن ذلك عندما قال :«إنها خطوة صغيرة للانسان لكنها قفزة عملاقة للبشرية». وقتها كانت البشرية منقسمة بين عاصمتين، موسكووواشنطن، فقادها الصراع المحموم بينهما إلى الصعود إلى القمر. نحن عندما نتصارع، فنحن نهدد بالصعود إلى.... الجبل. وهذا هو الفرق بين نيل أرمسترونغ وبين زيد أو عمرو.. زيد عندما يفكر في القمر، يربطه دوما بوجه الحبيبة، لأنه يعيش في الظلمة، أما أرمسترونغ فقد فكر في القمر واعتبر ذلك بداية لانتصار تاريخي على الإمبراطورية الحمراء التي تهدد إمبراطورية بلاده.. قرار الصعود الى القمر لم يكن نتيجة حتمية لتطور علمي، أو تراكم فكري قاد العلماء، بدعم أو تمويل من دولتهم إلى الفضاء الخارجي للأرض، بل كان قرارا سياسيا بالأساس، وهذا ما عبر عنه جون لوغسدون، أحد المشرفين على المتحف الوطني للجو والفضاء في واشنطن، بالقول: «كان قرارا سياسيا في الأساس». وهو بذلك يشير إلى ما أعلنه الرئيس الامريكي المقتول جون كينيدي في ماي 1961 عندما قال إنه تقرر «إرسال أمريكي إلى القمر قبل نهاية العقد الحالي»... لعل ما يشد إليه اليوم هو التأكيد على أن قرار الصعود إلى القمر كان سياسيا، وعندما تتوفر الإرادة يمكن أن نحلم بالقمر، أما عندما لا تكون حاضرة فيمكن أن نحلم.... بولد العروسية وحميد شباط، مع بعض الكوابيس الضرورية لكي يكتمل المشهد المظلم.. نحن أيضا كان لنا قرار بالصعود الى القمر.. ونحن أيضا صعدنا الى القمر.. ومن الجميل أن الذي صعد إلى القمر هو الوطنية، في وجه محمد الخامس رحمه الله.. لقد قرر الوطنيون أن يصعدوا إلى القمر فصعدوا، في ارتباط مع الصعود إلى الجبل من أجل المقاومة.. وقد قرروا، وما زال سعيد بونعيلات، المقاوم الشريف والنزيه، يشهد على تفاصيل الحكاية، كما يشهد على تفاصيل حكايات أخرى.. جيل صعد إلى الجبل، وإلى القمر معا، وبعدها رأى كيف عاش الوطن في الحضيض وفي الظلام، بلون الرصاص.. وجيل آخر منبهر بهذه الذكرى الإنسانية العظيمة، لكنه يرى قوى ظلامية بامتياز تريد أن تحرمه من نور القمر.. تريده ألا يصدق بأن القمر ممكن، مغربيا أو علميا.. تريد منه أن يقرأ بأنه في يوم 16 يوليوز 1969 جلس نيل ارمسترونغ وباز الدرين ومايك كولينز في قمرة القيادة لكولومبيا في مركبة ابولو11 التي وضعت على رأس الصاروخ ساتورن 5 . وبعد أربعة ايام، هبط ارمسترونغ بشكل يدوي، وانضم اليه بعد عشرين دقيقة باز آلدرين. وامضى الرجلان21 ساعة على القمر.... وبعد ذلك لا يصدق ويعتبر ذلك خدعة سينمائية محضة لتوهيم أمة الاسلام بالقدرة الخارقة لامريكا، ولكنها نمر من ورق... وكما يحدث لهذه الأمة الكريمة، هناك اليوم من المسلمين أو الذين يراقبون المسلمين من جهة قوة الايمان، من يعتبر بأن تلك خدعة تاريخية وعلمية كبيرة.. بل قالوا بأن العلماء لم يصلوا القمر.. ولم يطيروا.. لأن الذي يطير لا بد له من أن يطير..... بالجن لا بالإنس...