( ألقيت بمناسبة حفل جمعية أصدقاء باهي بباريس، في التأبين السنوي لرحيل الفقيدين الكبيرين محمد باهي ومحمد بن يحي) السلام عليكم،السلام عليكما، السلام عليك أولاً ودائما أيها الموت، اليُوحدنا،يذكّرنا أنا حيينا، ويعود يقطفنا ليبذرنا في مشتل الزمان، مرةً نخطر في الذكرى، ومرات تهجرنا ذاكرة القوم، كأنما والأحبة فاتوا، لا نحفظ عهدا للأحياء فكيف لمن ماتوا، نتبعثر في النسيان!! السلام عليكم، علينا وعليكم في حضرتكم، معذرة عن الإزعاج إذ نطرق باب الأزل،ُ نقلق وحدتكم، ما أطيبها وحدتُكم، خيرٌ من كل ما نحن فيه من صَخبٍ، هدَرٍ لَجِب، في قومٍ ووقتٍ عَجَب. معذرة إذ ُنشيح التراب، نفعلها مرة كل عام، نستقطر الرحمة من أفواه الغمام، وفي باقي الأيام ُنشيح العين عن الشاهدة، مخافة أن يحصدنا اليباب، يسهو البال، يخفت القلب، نتبادل أحيانا ما كان من قيلٍَ وقال، ونؤوب إلى عمر نرانا فيه هرِمنا، كُنا ابتلينا و»ما تبلى النجوم الطوالع» نحن بَلينا، إلا سُلافة وهمٍ بعدكم ما جنينا.. وكلَّ هذا الخراب! السلام عليكم في الموت الذي يوحدنا فيكم، يرجعنا إلى وطِييء الأرض، لمّا تعالت فينا القامات وقتاً، تمادت حوادث الدهر، تسافلت هاماتٌ، نحن ال كنّا الألى، العهد والصدّ وسدرة المنتهى لنا آيات، أوتذكران، يا شقيقيّ المحمّدان: يا سيد البهاء، وأنت يا طيف الحياء، كيف كنا نبث أسرار تلك الرسائل نهارا جهارا، ننفخ من أرواحنا في جمر منفانا المغربي، نبشر بالصبح الوضييء في مدخل الليل، وعند الفجر نمضي إلى غدنا، قد سقتنا باريسُ غَبوقاً ولثمنا مُحيّاها بناعِم الضحكات. السلام عليكم. عُدتُ أقضّ مضاجعكم، أزعج يقظتكم،أستسلم للوحشة، أحنّ إلى المعنى الغائب والوجه المفقود، أتحسّر على ما ليس يعود، وأناغي العمر بلحن فوات،أتخيلك، أتخيله كما كان الفارس المغوار في مهمه الفلوات، قد مسّه الضر، من ذا بعده ينحَر ناقته، من ذا يَهِل بَاسِمَ الثغر، حفيفَ الخطو قد خفف الوطء، والقلبُ كما تعلمون يجود.. عدتُ كما ترون أناوش بالغيّ، بأحرّ من الوجد، كأني أجدّف أنا العبدُ، أرفض قهر المعبود، قد صرت بِلاك الميْتُ، وأنت يا خلِّي مَن في عرف الموتى، بِتّتَّ الحيَّ الأحدَ الكلَّ الموجود. وعليكم السلام، قد حلّ موسمكم أيها الأصفياء، لن أقول بعد اليوم الشهداء، بعد أن باع الأبناء رفات الآباء، بفلس حيناً وبوجه سخام، وكثيرا طافوا بالعهد في مزاد السفهاء، لعمري أنتم الأنبياء وإلا ماذا يعني نسل آدم وحواء، عبرتم قوسا ُقزحياً بين أرض وسماء، النهار عناد،والليل سهادٌ، وهنيهاتٍ ليس إلا للصبوح، كيف لا والبلاد ، كانت ألف صوت بالنداء، والصبايا غاديات رائحات، ينتظرن الطَّلَّ،قد سكبن نظرة المسك من الشرفات، على موكب الشرفاء، بعدها طارت الأرض شعاعا باتجاه الملكوت، سبحانك يا الحيُّ اللاَّ يموت، إليهم قد أخذت قلبي، محمدٌ حبيبٌ،ومُحمّاد تِربي، وأنا بعدهم في ضنك هذا الحب، لا أحيا ولا أموت، ليس غير ظلال أيام شاحبة، هي ذكرى تتلو ذكرى، جسدي بينها مرثية معلقة، ثم هذي النخوة منكم أيها الأوفياء ( باريس في 20 06 2009)