على مقربة من العمالة، وغير بعيد عن محكمة الاستئناف، تقع بحيرة كانت بمثابة محمية طبيعية الوحيدة على صعيد المجال الحضري للدار البيضاء ومحطة لبعض أنواع الطيور المهاجرة التي دأبت على اتخاذها محطة في مسيرتها التنقلية، طيلة فصول السنة، قبل أن ينشأ بجوارها التجمع السكني «الفردوس» الذي يضم حوالي 5 آلاف شقة، أي ما يعادل 5 آلاف أسرة. وقد كان مرتقبا أن تتم تهيئة هذا الفضاء الطبيعي وفق مواصفات بيئية مميزة، حتى يظل موقعا بيئيا متميزا يشكل متنفسا لساكنة المنطقة خاصة والبيضاويين عامة، في وقت أصبح فيه السكان بحاجة ماسة إلى منتزه للترفيه عن النفس من ضغوطات الحياة وروتينها اليومي في غياب تام لفضاءات خضراء على صعيد مقاطعة الحي الحسني، علما بأنه تمت الإشارة إلى ذلك في المطبوعات والمنشورات التي قدمت للراغبين في اقتناء شقق بالمنطقة. حسب دفتر التحملات ، كان من المفترض أن تتحمل الدولة في شخص الجهة المكلفة بالبيئة ، الجزء الأكبر من تكاليف إعادة تأهيل البحيرة، لكن حسب مصادر مطلعة، لم يتم الالتزام بذلك الجانب، إضافة إلى شريك آخر أسند له جزء مهم من الأشغال ، كما أشارت بعض المصادر إلى تخصيص منحة لإحدى الجمعيات كانت تهتم بالبحيرة! على النقيض مما هو متوقع، أصبحت البحيرة تعاني الإهمال و«التسيب» بعدما كانت تشكل محطة وملجأ لبعض الطيور المهاجرة، و باتت ، حسب تصريحات الساكنة، «موطنا» لبعض المنحرفين وقطاع الطرق، اذ سجلت في الشهور الأخيرة مجموعة من الاعتداءات. لقد قدمت البحيرة في البداية ، في شكل منظر خلاب، لكن واقعها الحالي ينطق بأشياء أخرى ، أضحت مصدر قلق للساكنة، كيف لا والبحيرة التي كان المأمول أن تتحول الى منتجع حيوي للتنفيس عن ساكنة المنطقة، باتت بمثابة «شبح» يهدد الصغار والكبار ، اذ خلال السنة الماضية قضى بها أكثر من شخص غرقا، وغالبا ما يتم انتشال الغريق بعد أن يمكث تحت الماء لأزيد من يومين لصعوبة عملية الانقاذ و طبيعة البحيرة! ورغم العدد الهائل من الضحايا الذين قضوا غرقا أو تعرضوا للاعتداء من بعض مرتادي «البحيرة» التي أصبحت تشكل نقطة سوداء بالنسبة لساكنة المنطقة، إلا أن الوضع مازال على حاله من السواد، دون إغفال المياه النتنة التي أضحت رائحتها تزكم الأنوف في غياب الاهتمام بها، حيث عادت معها لسعات الحشرات لتقض مضاجع الساكنة، إضافة إلى وجود أفاعي ، حسب تصريحات بعض سكان المنطقة، الذين أضحى التخوف على أبنائهم هاجسهم الأكبر، خصوصا وأنه في غير ما مرة تم العثور على «أفاعي برمائية» !! لقد كان لزاما، حسب رأي بعض الفاعلين الجمعويين، التفكير في تشجير المناطق المجاورة ، خاصة المساحات الخالية حاليا، باعتبار أن ساكنة المنطقة في أمس الحاجة إلى فضاءات خضراء تمنحها لها نسبة من الأوكسجين! في السياق ذاته ، أكدت بعض المصادر للجريدة أن التفكير منصب على دراسة سبل ردم هذه البحيرة حتى تستغل مستقبلا في إقامة بعض المشاريع السكنية وغيرها !! على كل حال ، يظل سكان «الفردوس» يعيشون على أمل تهيئة البحيرة واعتبارها موقعا «طبيعيا » يستحق كل العناية، بالنظر لأهميته الكبرى على المستوى البيئي الذي يحاصره التلوث من كل جانب في هذه المدينة «الغول» !!