أظهرت دراسة حديثة أن حيوانات المرجان تمتلك تركيبة جينية لا تقل تعقيداً عن تركيبة جينات البشر، كما أن بإمكانها التواصل مع محيطها في المستعمرات التي تشكلها، وخاصة مع الطحالب البحرية التي تلعب دوراً كبيراً في حياتها. وقالت فيرجينيا ويز، أستاذة علم الأحياء البحرية في جامعة ولاية أوريغون، ومعدة الدراسة التي نشرتها مجلة "العلوم"، إن الباحثين كانوا قد جمعوا خلال الفترة الماضية الكثير من المعلومات حول أساليب حياة المرجان، لكن "تركيبتها البيولوجية ظلت مجهولة، خاصة على صعيد جيناتهم وسبل تواصلهم." ولفتت ويز، في حديث لCNN إلى أن فقدان تلك المعلومات كان سيهدد قدرة العلماء على معرفة مدى قابلية المرجان للتكيف مع التغييرت المناخية، التي يشهدها كوكب الأرض. وبحسب الدراسة، فإن حيوانات المرجان تتواصل من خلال نظام معقد يعتمد على الطحالب، التي تعيش بينها في الأحياد البحرية التي تشكلها. وأضافت الدراسة أن تأثير تبدلات المناخ على هذه الطحالب يقف خلف الانهيار الغامض الذي تعيشه بعض هذه الأحياد حول العالم. ويعود ظهور المرجان على سطح الأرض إلى أكثر من 250 مليون سنة، وتتشكل مستعمراته من آلاف الحيوانات الصغيرة ذات المظهر المتشابه، التي تتغذى على العوالق النباتية، وتفرز مادة "كربونات الكالسيوم" التي تشكل أساس هيكلها العظمي الخارجي. ويمكن للمرجان مواصلة إنتاج هذه المادة لفترات طويلة، مما يسمح له بالتمدد على شكل مستعمرات تعرف ب"الحيد المرجاني"، وتشكل بيئة غنية جداً لحياة آلاف المخلوقات البحرية الأخرى. وأشارت الدراسة إلى أن المرجان يعتمد على الطحالب لمعالجة غاز الكربون، والقيام بعمليات التمثيل الضوئي التي تتيح إنتاج السكر. غير أن الاكتشاف الأبرز للدراسة يتمثل في إشارتها إلى أن الطحالب تتواصل مع المرجان بصورة تسعى من خلالها لطمأنته إلى أنها كائنات صديقة، بما يحول دون اعتبار المرجان لها كائنات معادية يتوجب التخلص منها. وقالت ويز: "عندما ترتفع حرارة المياة (بتأثير التبدلات المناخية) تضطرب آليات التواصل بين المرجان والطحالب، وتنمو تلك الأخيرة بشكل يدفع المرجان إلى مهاجمتها باعتبارها عدو يحاول غزو المستعمرة، وهذا ما يؤدي إلى انهيار الحيد ككل." وتوقعت الدراسة أن تتعرض نصف الهياكل الكلسية الخارجية للأحياد البحرية إلى التحلل خلال القرن المقبل، وذلك بتأثير تزايد حموضة مياه البحار. وقد سبق لدراسات أخرى أن أشارت إلى أن 20 في المائة من الأحياد المرجانية في العالم قد تدمرت بالفعل، في حين تواجه 24 في المائة من الأحياد الباقية الخطر عينه.