مع اقتراب الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009 تتكاثر البرامج وتكثر الوعود وتختلط الامور عند المتلقي، ألا وهو الناخب الذي يجد نفسه في «صورة» سبق له أن رآها سابقا واستنسخت من جديد لطرحها، وهذا يخلق نوعا من «السخط» على العملية الانتخابية برمتها، وهو ما يشجع على العزوف. لذا فإن المسار السياسي للبلاد لابد ان يعرف تطورا جذريا حتى يستجيب للوضعية السياسية الحالية وللمعطيات الاقتصادية «الصعبة والمعقدة» حاليا حتى يستجيب لمتطلبات وإكراهات جديدة لدى المواطنين وخصوصا الشباب منهم الذين يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع المغربي. ويكفي ان نذكر ان نسبة الناخبين الذين يقل سنهم عن 45 سنة تمثل 65 (من المصوتين المفترضين في الانتخابات الجماعية المقبلة) وهي نسبة مرتفعة كما يبدو. وفي رأينا المتواضع، فقد حان الوقت (السياسي) لتفعيل مسألة (الجهوية) والانكباب على تهييء المحيط السياسي لتجسيدها على أرض الواقع أملا في النهوض بالجهات سياسيا واقتصاديا، وخصوصا اذكاء روح جديدة لدى المواطن المغربي (وبالتركيز علي الشباب) للاهتمام بالعمل السياسي المحلي الذي يمثله العمل الجماعي. ولتفعيل هذا الاسلوب في تدبير الشأن المحلي لابد ن تهييء المناخ السياسي لتطبيقه. وهو ما بادر به حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من خلال تقديمه وثيقة الاصلاحات الدستورية لجلالة الملك. فيجب كذلك «صناعة» نخبة من الاطر السياسية والمدنية التي ستتحمل مسؤولية تدبير الشأن السياسي المحلي. في إطار هذا التوجه الجديد «الجهوية». وهذا يتطلب من الدولة والمجتمع المدني والسياسي تكوين هؤلاء الاطر والفاعلين المدنيين والسياسيين لولوج تدبير الشأن المحلي في إطار أوسع »للجهوية«، لأن ما نراه ونسمعه حاليا عن من قدمتهم الاحزاب ضمن قوائم لوائحها للانتخابات الجماعية المقبلة لن يمكننا من مسايرة التحولات السياسية والاقتصادية السريعة التي نتوخاها. و«الجهوية» هي أحد تلك التحولات الاساسية والمحورية للتنمية وفك العزلة والنهوض بالجهات على غرار التدبير الجهوي في عدد من الدول القريبة منا وكنموذج التدبير الجهوي باسبانيا. فخلال التحضير للمؤتمر الثامن للحزب، نظمت الكتابة الجهوية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لجهة طنجة - تطوان ندوة حول الجهوية حضرها كل من الاخوة: الساسي، المرزوقي، حسن طارق وبن طريفة من جهة الاندلس وxavier marin مدير مدرسة التكوين للحزب الاشتراكي الكطلاني وأدارها باقتدار صديقي حميد اجماهري . وخلال هذه الندوة أكد السيد marin على أهمية التكوين للاطر السياسية المحلية في مجال التدبير السياسي والاقتصادي للجهة. فتكوين أطر سياسية ومستشارين بكطالونيا قد يتطلب عشرات السنين مما يعطينا فعاليات سياسية مكونة وقادرة على تدبير الجهة باقتدار وتصبح هي المدبرة كليا لشؤونها السياسية والاقتصادية باحترام وتوافق تام مع الاستراتيجيات الكبرى المركزية للدولة، لا العكس الذي نلاحظه عندنا حيث ان كل القرارات تخطط وتدبر مركزيا وما على الجهات الا التنفيذ، مما خلق تفاوتا كبيرا بين الجهات، وبهذا تكون الجهة هي مصدر القدرة بالنسبة للمركز وليس العكس. فالتنمية المحلية في إطار الجهة ستعمل على بعث دينامية سياسية واقتصادية محلية تجعل من سكان الجهة هم المدبرون لاستراتيجيات التنمية المحلية باحترام تام للخصوصيات الثقافية والسوسيو اجتماعية لكل جهة، لأن أحسن الاستراتيجيات اذا سطرت بعيدا عن مقاربة تشاركية مباشرة مع المستفيدين لن تعطينا الا التهميش والاقصاء وانتشار البناء العشوائي ودور الصفيح وفوضى في العمران وفقدان جمالية وهوية المدينة والعبث بخيراتها... الخ. لذا نتصور ان التنمية المحلية التي نتوخاها ونحن على ابواب انتخابات جماعية هامة. رهاننا الاول فيها هو رفع نسبة المشاركة و(نسيان المشاركة الكارثية لانتخابات 2007). بالاضافة الى رهان التنمية المحلية المستديمة في إطار جهة قوية سياسيا واقتصاديا لنعيد روح المبادرة والمشاركة السياسية من جديد. وأخيرا لابد لخلق جهات قوية من وضع استراتيجية لتأسيس ثقافة اعلامية جهوية مرتكزة كذلك على إعلاميين وصحفيين مكونين ومؤطرين يمكنهم مسايرة هذه الاستراتيجية التنموية الجهوية. وهنا أطالب من كل الجهات وخصوصا الاحزاب السياسية ان يبادروا بإشراك فاعلين مدنيين وسياسيين من كل الجهات في الحملات السياسية والتعبوية وان لاتقتصر الخرجات الاعلامية المكتوبة والمرئية على وجه من «المركز» لايمكنها ان تحقق ذلك التواصل السياسي والروحي بين الفاعل المدني والسياسي المحلي او الجهوي والمواطن الذي يقطن تلك الجهة. وهذا سيضفي نوعا من المصداقية في الخطاب السياسي. فلا يمكن لمتدخل سياسي من جهة فاس سايس مثلا ان يتدخل في موضوع يهم التنمية المحلية في جهة الريف مثلا، فلا اللغة ولا المعطيات السوسيو ثقافية ولا التاريخية تتشابه، فلذا يجب تشجيع ودعم اعلامي جهوي قوي لفائدة تنمية جهوية مستديمة لأنه بدون إعلام جهوي محترف لايمكننا تحقيق تنمية جهوية مستديمة يمكنها الصمود في وجه التغيرات الدولية السياسية والاقتصادية. فجميعا لأجل جماعات محلية هدفها التنمية المحلية والمقاربة التشاركية مع الدولة ومع الفاعلين المدنيين والسياسيين في ظل إطار سياسي جديد«الجهوية» مدبر من طرف إطارات سياسية ومدنية مكونة ومتسمة بالمصداقية والنزاهة. مستشار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالجماعة الحضرية العرائش.