من بين القنوات التلفزية التي نقلت على الهواء مباشرة من المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء أطوار مباراة الديربي بين الرجاء والوداد قناة وتلفزيون العرب »ART« وإذا كان معلق المباراة لفائدة هذه القناة محمد مقروف قد توفق في مد المشاهدين بمعلومات تاريخية حول مسار الفرقين عبر تاريخهما الطويل سواء تعلق الأمر باللاعبين أو المسيرين أو المدربين، فإنه أخطأ في واحدة على الأقل حينما قال وهو ينقل معلومات عن مسار حياة الأب »جيكو« إنه من أصل تونسي، وهذا غير صحيح فالأب «جيكو» مغربي قح أصله من جنوب المغرب وبالضبط من منطقة إسافن بسوس على بعد 120 كلم من مدينة تارودانت واسمه الحقيقي محمد بلحسن العفاني من مواليد 1900، أما لقب التونسي الذي يحمله بعض أفراد عائلته وخاصة الطبيب الشهير البروفسور التونسي رحمه الله وهو شقيق الأب »جيكو« فإنه جاء من كون الواد وهو العفاني لحسن المزداد بقبيلة إدومارتيني كان يمارس التجارة كبقية بعض أقرانه من أبناء منطقة سوس، حيث كانوا يهاجرون إلى دن مغاربية كوهران وتلمسان بالجزائر ومدينة تونس عاصمة الجمهورية التونسية، حيث كان الأب جيكو إلى جانب والده وعائلته هناك ومن هنا جاء لقب التونسي. فالاضافة إلى نشاطه التجاري كان والد الأب »جيكو« مدمنا على الأسفار، حيث تنقل بين عدة مدن مغاربية وأوربية، وكان الأب يصحب معه ابنه محمد في رحلاته مما مكن هذا الأخير من الاطلاع منذ صغره على أوضاع الآخرين، واستفاد كثيرا، وكان الأب »جيكو« رحمه الله من ضمن المغاربة الأولين الذين حصلوا على شواهد علمية، مكنه ذلك وهو في العشرين من عمره، من إتقان التحدث بعدة لغات وخاصة الفرنسية، العربية، الاسبانية، الانجليزية، البرتغالية وتشلحيت، وقد برز أيضا كصحافي رياضي منذ بداية الثلاثينات من القرن الماضي، وكان أيضا معلقا إذاعيا على مباريات كرة القدم بعد الاستقلال، كما لعب أيضا كرة القدم قبل أن يصبح مدربا تم مؤسسا ومسيرا. وفي سنة 1937 بادر مع ثلة من الوجوه الوطنية إلى خلق إطارا رياضيا وطنيا أطلقوا عليه اسم الوداد، وقد مارس أيضا في البداية كلاعب في صفوفه. وبعد أن وقع اختلاف في الرؤى بينه وبين مجموعة من زملائه في الوداد، كان وراء تأسيس فريق الرجاء البيضاي الذي أصبح واحدا من الأندية الوطنية العملاقة، وقد ارتبط اسم المرحوم الأب »جيكو« بمراحل كثيرة من تاريخ كرة القدم الوطنية كإطار كبير وفاعل في مجالات الادارية والفنية والتدبيرية. وكان أيضا وطنيا مخلصا لبلده، حيث كان يواجه عنصرية المستعمرين بقوة وثبات وسخر ثقافته العالية لخدمة الرياضة الوطنية، مثل هذه الشخصيات الوطنية يجب الاهتمام بها والتعريف بها انصافا لعطاءاته وتدوين التاريخ المديد للرياضة الوطنية.