3 - تضمن الديمقراطية للمواطنين فضاء اوسع للحرية الفردية، لذلك فإن لحرية التعبير قيمة جوهرية،لأنها تساهم في الاستقلال الفكري. فلن يكون بوضع الديمقراطية - ان تعيش طويلا دون ان يعطي المواطنون ميلادا لثقافة سياسية - بل بالاحرى ثقافة عامة كذلك - فالعلاقة بين منظومة ديمقراطية للحكم والثقافة الديمقراطية التي تكون بالنسبة لها حاملا علاقة جد معقدة. فما قاله بريكليس عن الديمقراطية في اثينا في 431 ينطبق كذلك على الديمقراطية الحديثة. «نحن نطبق الديمقراطية ونمارسها. لا فقط في سلوكنا ذي الطابع السياسي، بل فيما هو شبيه مشترك في الحياة اليومية» 4 - تمكن الديمقراطية الافراد من المحافظة على مصالحهم الاساسية. يريد كل واحد - أوتقريبا - ضمان وتحقيق بعض الامور( الحياة، المعيشة، الصحة، الامن، الاسرة، عمل يحمل نعمة، الترفيه، الخ) والحكومة الديمقراطية وحدها يمكنها ضمان تلك الامور وغيرها. 5 - وحدها حكومة ديمقراطية يمكنها ان تمنح المواطن الامكانية الاوسع لممارسة مسؤوليته الاخلاقية. ما المقصود من الممارسة الاخلاقية؟ هذا معناه انه بعد تبني الفرد لعدد من المبادئ الاخلاقية فهو مطالب باتخاذ قرارات مطابقة لهذه المبادئ. ان يكون الانسان مسؤولا اخلاقيا معناه ان يكون حرا ومستقلا في الاختيارات المستمدة من الاخلاق. 6- وحدها حكومة ديمقراطية يمكنها ضمان مستوى مرتفع نسبيا في المساواة السياسية، ذلك أن أحد الاسباب المهمة التي تكون لصالح نظام ديمقراطي هو انه يمكن من الوصول الى مساواة سياسية بين المواطنين. تمثل الديمقراطيات في الغالب مزايا اضافية مقارنة مع الانظمة غير الديمقراطية. فهي تشجع على تربية الساكنة، ذلك أن يدا عاملة ذات مستوى تساهم في التجديد وفي النمو الاقتصادي، الا انه قد يكون من الخطأ ان نطالب الكثير من الحكومة، وان كانت ديمقراطية، فالديمقراطية لا يمكنها الادعاء بانها تحمل حتما عادة، الرفاهية، الصحة، الطمأنينة والعدالة لجميع المواطنين. علينا أن نقول إن الديمقراطية - في الممارسة وعمليا - لم تحقق ابدا وبشكل كامل كل هذه المثل والرغبات. ما معنى أن يساس بلد ديمقراطيا؟ قبل كل شيء تجب الاشارة إلى انه لا توجد ديمقراطية واحدة امكنها أن تستوفي جميع المعايير، و علينا ان نعي جيدا، هنا وهناك، اننا نستعمل عادة كلمة ديمقراطية للحديث في نفس الان عن مثل اعلى وعن واقع لا يحقق الا جزئيا هذا المثل الاعلى. لذلك سيكون علينا أن نميز في استعمالاتنا بين مصطلحات مثل «ديمقراطية»، «حكومة ديمقراطية» بلد ديمقراطي. ما العمل لكي نقول إن بلدا محكوم ديمقراطيا؟ يجب على الاقل، ان يكون مزودا بعدد من التدبيرات الممارسات والمؤسسات السياسية الهادفة على الاقل في حد كبير - الى احترام المعايير النموذجية للديمقراطية. يشير مصطلح «تدابير» او «تدبيرات» سياسة الى الاجهزة المؤقتة التي يمكن ان تجد لها مكانا في بلد خرج للتو من ممارسات نظام لا ديمقراطي، من الممارسات السياسية، فهي اجهزة قائمة بشكل افضل وبالتالي جد مستديمة. في حين ان «المؤسسات» اجهزة موجودة منذ امد طويل وتنتقل من جيل الى جيل. فكلما انخرط بلد - غير ديمقراطي في الاصل - في الديمقراطية مبكرا، فإن التدابير الديمقراطية الأولى تتحول تدريجيا الى ممارسات تتحول بدورها - عندما يحين الوقت الى مؤسسات قائمة كما يجب. انتهى { هامش 1 - كتاب روبير داهل De la Democratie ترجمة مونيك بيري عن الامريكية 200 صفحة.