وقف العديد من الفاعلين الاجتماعيين على العديد من مظاهر التراجع الذي تعرفه المسألة الاجتماعية في المغرب اليوم. بالمقابل رصدوا الاختلالات الاجتماعات ورأوا أن الأزمة الاجتماعية يجب النظر إليها من منظور شامل بمعالجتها، وكان اللقاء فرصة أيضا للتذكير بالملف المطلبي الاجتماعي، الذي هو الآن على طاولة الحوار الاجتماعي الى غير ذلك من النقاط التي عالجها المسؤولون النقابيون. شدد عبد الحميد فاتحي على أن الأزمة الاجتماعية التي يعرفها المغرب هي جزء من الأزمة العامة في شقها السياسي والاقتصادي، ومن هذا المنظور الشمولي يقول فاتحي نائب الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل في ندوة «المسألة الاجتماعية في المغرب اليوم» التي نظمتها جريدة «الاتحاد الاشتراكي» في الأسبوع الماضي بدار المحامي بالبيضاء، والتي أدارها الزميل عبد الرزاق لبداوي، نقف على حجم الاختلالات والخصاصات المهولة فيما هو اجتماعي، وأضاف أن الوقفة التشخيصية التي قام بها السياسيون لنتائج محطة 7 شتنبر 2007، وقفت على أن هناك جانبا مرتبطا بطبيعة الأزمة التي يعيشها عموم المأجورين والشغيلة. ورصد المسؤول النقابي مظاهر الهشاشة في الاقتصاد الوطني والمجتمع، والتأثير السلبي الذي يعرقل مشروع الدمقرطة والتحديث، داعيا الى ثقافة نقابية جديدة للتعبير عن قضايا الشغيلة المغربية تكون في مستوى المغرب الجديد لمواجهة التحديات الجديدة ونشدان التنمية. في هذا السياق أكد رئيس فريق الفيدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين على أن الفيدرالية وضعت الأنوية لنقابة المستقبل باعتماد الديمقراطية الداخلية الى غير ذلك من المبادئ التي تتطلبها النقابة المؤسسة. ومن هنا دافعت الفيدرالية عن القانون المنظم للنقابات، وحرصها أيضا على الاضراب لكونه الأداة الاساسية في النضال الاجتماعي داخل القانون، ورأى ان ذلك ليس فيه أي تعارض، وأكد أن حديث الحكومة على تخصيص % 53 من ميزانيتها لما هو اجتماعي، لا يعني حقيقة الاشياء لأن من صميم عملها تشييد المدارس والمستوصفات. بدوره رصد عبد الرحيم الرماح المراحل النضالية، التي تم فيها تحقيق العديد من التراكمات، وذكر باتفاق 2003، والمجهودات المبذولة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي عرف العديد من الاصلاحات والتغطية الصحية. وقال إنه في السنة الماضية، كانت الحكومة قد أعلنت بكيفية منفردة عن عدة إجراءات، ورأى أن ذلك يشكل خطأ، وأضاف أنها كان عليها أن تنتظر حتى تصل الى اتفاق مع الفرقاء الاجتماعيين وأرباب العمل، وأكد ان هذا الامر يشكل ضربا لما تم تحقيقه، وهو ما يفرض في الحوار الاجتماعي الحالي أن ينتهي الى اتفاق لتعزيز ما تم تحقيقه من مكتسبات، وبذل مجهود أكبر لتحقيق المزيد من التراكمات، لأن التوافق بين الاطراف الثلاثة هي مسألة لابد منها، والحفاظ على هذه التوافقات لما فيه مصلحة المقاولة والاقتصاد الوطني والطرف الاجتماعي، لما لهذه النقطة من انعكاسات على المستوى السياسي والاستقرار الاجتماعي. وشدد في مداخلته على أن الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين قام بعدة مبادرات تهدف الى تعزيز هذه المكتسبات ودعم المقاولات وتطبيق قانون الشغل. وقال إن فريقه كان له لقاء مع وزير التجارة والصناعة حول دعم المقاولات، كما كان هناك لقاء مع وزير التشغيل والتكوين المهني لمناقشة تطبيق القانون المتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأشار الى ضرورة تطبيق قانون الشغل، خاصة في ظل العديد من النزاعات التي أغلبها راجع الى عدم تطبيق هذا القانون وعدم احترام الحريات النقابية. وإذا ما تم ذلك سيساهم في تلطيف الأجواء. وأثار مدونة السير، ودعا الى إدخال تعديلات، ورأى أن حوادث السير لا تعود وحدها الى قانون السير فقط، بل حتى الى قانون الشغل، ذاكرا في هذا الاتجاه بعض الامثلة، منها قلة النوم بالنسبة للمهنيين لعدم تطبيق قانون الشغل، مما يساهم في وقوع حوادث السير، لذا طالب بالاهتمام بتطبيق القانون الاجتماعي على قطاع النقل. عبد السلام بنبراهيم تطرق الى الوضع الاجتماعي المتأزم الذي يعرفه المغرب. ورأى أن فشل الحوار الاجتماعي كان ناتجا عن انفراد الحكومة باتخاذ قرارات بعيدا عن منطق التوافق، مما أدى بالعديد من النقابات الى التوحيد لمواجهة هذا الوضع ومراجعة الحكومة لمواقفها والعودة الى الحوار بما ينصف الشغيلة على مستوى تحسين الأجر، والنظر في مجموعة من المراسيم، وعلى الأخص مرسوم الترقي الذي فيه تراجع بالنسبة للسنوات السابقة، واعتقد أن الترقية الاستثنائية هي الحل الأمثل لتحسين وضعية هذه الفئة، في ظل غلاء المعيشة، ومشاكل السكن والصحة. وتساءل نائب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل عن التشتت النقابي، مؤكدا على أن هناك ما هو ذاتي وما هو موضوعي، مضيفا انه ليست هناك رغبة لدى البعض لفتح مجال لإيجاد نقابة جديدة في المشهد النقابي المتسم بالتعددية، مشيرا الى هناك عناد لدى بعض القيادات للاستفراد بالقرار، وتغييب الديمقراطية الداخلية وعدم إشراك القيادات الوطنية في اتخاذ القرارات التي لها بعد استراتيجي. وبالتالي حان الوقت للتفكير وتحليل هذه الوضعية والوقوف عليها والتفكير في إيجاد الصيغ من أجل تدعيم الوحدة النضالية، ولمَ لا في أفق الوحدة النقابية. إغناء للنقاش حول المسألة الاجتماعية في المغرب اليوم، ركز محمد بنحمو عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل على ان المطلوب اليوم في المغرب هو النظر الى المسألة الاجتماعية من جميع الزوايا، وبالتالي يجب ان تكون النظرة شمولية، وشدد على ضرورة النظر الى الإكراه الاجتماعي لتفادي أي عقبة تعرقل المسيرة المغربية، ووقف في معالجته على ظاهرة العزوف التي رأى أنها جزء لا يتجزأ من المعادلة بشكل عام، والتي أرخت بظلالها في محطة 7 شتنبر 2007، من خلال الاستحقاقات التشريعية. وعرج في مداخلته على الظرفية الحالية التي تخيم عليها الازمة المالية العالمية، بالمقابل رصد المتطلبات الاجتماعية، التي تتسم بارتفاع الاسعار في المواد الأولية، بالمقابل هناك تواضع في الأجور. وأشار القيادي الفيدرالي إلى الخطوات الإيجابية التي تمت مراكمتها منذ حكومة التناوب، بالاضافة الى المجهود الحاصل الآن، لكن يتساءل عن مدى اعتبار ذلك كافيا لإخراج الشغيلة المغربية مما تعيشه. وتأسف بنحمو على تصريحات الحكومة التي تقول إن أكثر من %50 من ميزانية الدولة موجهة الى ما هو اجتماعي، مشيرا الى أن ذلك لا ينعكس على الواقع، مستشهدا بواقع التعليم الذي ينتج الهدر المدرسي الى غير ذلك من الامثلة. وخلص الى أن المغرب يعيش على صفيح ساخن اجتماعيا. وهو ما يترجم من خلال التوتر الحاصل في الحوار الاجتماعي والى الاضراب الحاصل في قطاع النقل، ودعا الحكومة المغربية الخروج من المنطق السابق المتسم بالهروب لربح الوقت حتى لا يدخل المجتمع في متاهات، وذلك لا يتأتى إلا بإرادة سياسية صادقة بغض النظر عن التراكم السلبي الموروث عن 40 سنة من السياسة اللاشعبية. وفي رصده للمرحلة أكد بنمحمو أنه يجب التعامل بجرأة، ودعا الى النضال من أجل نقابة قوية من خلال فتح الحوار مع مختلف الفاعلين، وهو الوعي الكفيل بإيجاد الحلول المطلوبة.