جندت السلطات العمومية منذ الساعات الأولى من صباح أول أمس الأربعاء، المئات من رجال السلطة القادمين من مدينة تطوان على مختلف أشكالها (رجال أمن ، قوات التدخل السريع ، القوات المساعدة وأجهزة أمنية أخرى )، وسخرت في ذلك العشرات من السيارات المختصة لنقلهم ونشرهم في منطقة كوادالوبي التابعة للدائرة الحضرية السابعة بعد عملية استعراض قامت بها في المنطقة الصناعية الأوسطال قرب ولاية الأمن، وشرعت في هدم البراريك القصديرية منذ العاشرة صباحا في أكبر عملية من نوعها . عملية الهدم لم تمر بسهولة، وكادت أن تزهق أرواح المئات من المواطنين الذين كانوا يحتجون على هذه العملية، رافعين صور جلالة الملك ومشكلين درعا بشريا لمنع القوات الأمنية من التقدم نحو براريكهم . وبعد عملية شد وجذب من الجانبين، أزاحت القوات الأمنية هذه السلسلة البشرية من أمامها وطوقت الحي من كل جوانبه وشرعت آلات التراكس في عملية الهدم على الرغم من اعتصام عدد من المواطنين في أكواخهم القصديرية، بل إن منهم من ارتمى تحت عجلات آلات التراكس للانتحار، ولولا يقظة بعض رجال الأمن الذين ارتموا عليه لمنعه، لكان هذا المواطن في عداد الموتى. ولتسهيل مأموريتها لجأت السلطات الى مناورة تكتيكية اقتضت منها البدء في هدم البراريك التي استفاد أصحابها من هذا البرنامج الاجتماعي لتمر بعد ذلك الى اجتثاث البراريك الأخرى في عملية عنيفة، اقتضت منها التدخل بقوة لتهجير أصحاب البراريك من أكواخهم القصديرية، ومنعهم من الدخول إليها بعد إخراج أمتعتهم ووضعها في الخارج . وظلت هذه العملية طوال مدة الهدم لتسفر في المساء عن هدم أزيد من أربعمائة براكة، معظمها نبتت في الفترة الأخيرة بعد المصادقة على توقيع عقد المدينة في دجنبر2004، بل إن ثمانين براكة نبتت خلال الشهور الأربعة الماضية أمام أعين السلطات المحلية وتحت مراقبتها. من جهتهم أكد أصحاب البراريك المهدمة في تصريح لجريدتنا (نتوفرعلى أسمائهم وهوياتهم وتصريحاتهم) أن إقدامهم على بناء هذه البراريك كان يتم بتواطؤ مع رجال السلطة المشرفين على هذه المنطقة منذ 2005 الى الآن، بدءا من المقدمين والشيوخ وأعوان السلطة وانتهاء برؤساء المناطق مرورا بالقواد والسماسرة ،بل ان منهم من ذهب بعيدا في القول بأن المسؤولين على المنطقة كانوا يأتون عندهم لأخذ رشاوى، قدرت بالملايين مقابل غض الطرف عنهم في بناء الأكواخ القصديرية. المواطنون بعدما وجدوا أنفسهم في العراء، توجهوا الى بلدية العرائش واحتلوا ساحتها وقضوا ليلتهم هناك يرددون شعارات تطالب بحقهم في السكن. وقد عاينت الجريدة امرأة منهم في وضعية حرجة مازالت في مرحلة النفاس بعد عملية قيصرية أجريت لها مؤخرا لتنقلها سيارة الاسعاف الى المستشفى الاقليمي للامريم .وللسيطرة على الوضع أخرجت القوات الأمنية الرجال من البلدية، تاركة النساء فقط يقضين ليلتهن هناك. وعلمت الجريدة أن شكاية جماعية باسم هؤلاء المتضررين ستقدم الى المحكمة الابتدائية بالمدينة عن طريق احدى الجمعيات الحقوقية، يكشفون فيها عملية الرشاوى التي كانت تقدم للمسؤولين على المنطقة، خاصة رؤساء المناطق والقواد وأعوان السلطة . وفي الجانب الرسمي علمت الجريدة أن تقريرا لأحد مكاتب الدراسات المكلفة بمواكبة العملية الاجتماعية في برنامج «مدن بلا صفيح» كان قد قدم الى عامل الاقليم، أشار فيه الى ازدياد 250 براكة خلال مدة تنفيذ البرنامج، مما يعد خرقا لاتفاقية عقد المدينة التي تحمل المسؤولية لرئيس المجلس البلدي في احد بنودها في حالة ازدياد الأكواخ القصديرية. ومعلوم أن برنامج عقد المدينة شهد في أشغال الدورة غير العادية للمجلس البلدي المنعقدة بتاريخ 10/01/2007 مناقشات حادة، حمل فيها المستشارون الاتحاديون رفقة المعارضة مسؤولية ازدياد البراريك القصديرية، وفشل هذا البرنامج الى السلطات العمومية التي اغتنى بعض رجالاتها على حساب الوعاء العقاري للمدينة، وعلى حساب جيوب المواطنين الفقراء . فهل ستشرع السلطات العليا في فتح تحقيق في الموضوع ؟