نفذت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أمس الأربعاء، إضرابا وطنيا إنذاريا استجاب له التجار الصغار والحرفيون ورجال التعليم وحظي بتضامن قطاعات إنتاجية أخرى انضمت إلى قائمة المضربين عن العمل. وأعرب نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية، عن ابتهاجه بنتائج الإضراب العام الذي دعت إليه نقابته، وهنأ أمس العمال والمواطنين على انخراطهم في إنجاح إضراب أربك، في رأيه، قطاعات حيوية في عاصمة المغرب الاقتصادية. اللافت أن الإضراب، الذي جندت له السلطات جيشا احتياطيا من قوات الأمن والقوات المساعدة وقوات التدخل السريع وضعت على أهبة الاستعداد للتدخل في حالة وقوع أي انفلات أمني، مرّ بشكل عادي ولم تسجل حالات شغب كما حدث في إضراب سابع يونيو من سنة 1981 الذي خلف قتلى في مواجهات بين قوات الأمن والمضربين الغاضبين. وقال مصدر أمني ل«المساء» إن السلطات في الدارالبيضاء استقدمت رجال أمن من مدن أخرى ووضعت الثكنات العسكرية في حالة تأهب تحسبا لوقوع مواجهات، وقال: «الحمد لله أن الأمور مرت بخير، وقد كنا نتخوف من إمكانية حدوث انفلات أمني». واتهم الأموي الحكومة بالكذب بشأن نتائج جلسات الحوار الاجتماعي الأربع لهذا العام، وقال إن الحكومة اقترحت 16 مليار درهم كمبلغ إجمالي للزيادة في الأجور، وهو المقترح الذي رضخت له نقابته، لكن عندما طالبت الكونفدرالية الحكومة بتوزيع الستة عشر مليارا على الجميع وبالتساوي رفضت الحكومة، وكان أن قررت النقابة اللجوء إلى الإضراب. وقال عبد الرحمن بن عمرو، زعيم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إن أحزاب اليسار تدعم مبادرة الكونفدرالية بشأن الانسحاب من مجلس المستشارين والدعوة إلى إضراب أمس الذي لقي في رأيه نجاحا باهرا. ونقل بنعمرو إلى قياديي الكونفدرالية دعم أحزاب اليسار لنقابة الأموي ووصف مواقفها بالشجاعة التي تستحق التأييد والنصرة. وتحدث الأموي عن وجود حكومتين في المغرب على حد قوله، الأولى يقودها، في رأيه، وزير أول عاجز عن فعل أي شيء، والثانية عبارة عن حكومة ظل هي التي تباشر أمور الدولة. مشددا على كون السلطة التزمت الحياد، ولم تتدخل كما حدث في السابق لتكسير الإضراب الوطني الإنذاري ليوم أمس. ووجه الأموي إنذارا شديد اللهجة إلى الحكومة في حالة عدم فتحها لمفاوضات حقيقية مع ممثلي العمال، وزاد قائلا: «إلى الذين تسرعوا وأعطونا الأكاذيب أوجه إنذاري، أقول لهم إنكم تلعبون بالنار، ولا خيار أمامكم سوى الاستجابة لمطالب الشغيلة وفتح مفاوضات حقيقية لإنصاف دافعي الضرائب، حتى العاطلون من المغاربة يجب أن يحصلوا على المساعدة. لا ننفذ إضراب اليوم من أجل الحصول على الخبز بل بدافع احترام كرامة المواطن والتعامل مع كل المغاربة كمواطنين من نفس الدرجة، هناك مواطنون من درجة عليا وآخرون يعيشون تحت أسفل درك». وقال الزعيم النقابي إن الحكومة الحالية هي مجرد «حكومة راكعة، ليس للشعب الذي استُؤمنت على رعاية مصالحه بل للمؤسسات الدولية والشركات الأجنبية»، داعيا إلى ملاحقة من وصفهم بمهربي الأموال المغاربة إلى الأبناك العالمية واسترجاع المال العام المنهوب. ولم يفت الأموي أن يتوعد قادة نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذين أصدروا بيانا ناريا، قبل يوم الإضراب، يكيلون فيه التهم والشتائم لنقابيي الكونفدرالية، وقال الأموي بلكنة بدوية: «شوف آه، تمشي موجة وتجي موجة، مصاصو الدماء الذين يحيطون بهم جماعة من «الشماكرية» نحن نعرفهم، في التجمع الذي سننظمه الأحد المقبل سأخبركم بحقيقية هؤلاء وبمسار حياة كل واحد منهم». وعندما استحثه المناضلون الكونفدراليون على أن يبوح بما يعرفه عن خصومهم في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ضحك الأموي بشماتة وعاد ليؤكد أنه سيكشف عن جميع الحقائق يوم الأحد المقبل. واحتشد العشرات من المواطنين صباح أمس الأربعاء أمام مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بدرب عمر بالدارالبيضاء مرددين شعارات تسخر من الحكومة وتدعوها إلى الاهتمام بمطالب العمال ودافعي الضرائب المغاربة. وأغلقت محلات درب عمر التجاري أبوابها، وتخلف العمال والموظفون التابعون للمركزية النقابية عن الالتحاق بمقرات عملهم، وخلت الشوارع صباح أمس من حركة الازدحام المروري الاعتيادي، وفيما فتحت مؤسسات بنكية وتجارية أبوابها في وجه العموم استجاب التجار الصغار والمتوسطون وأرباب المقاولات الصغيرة لقرار الإضراب العام وأغلقوا محلاتهم التجارية والصناعية، وأكد مصدر من السلطة المحلية، يعمل بمقاطعة آنفا بالدارالبيضاء، أن حركة الرواج التجاري شلت بالكامل في عمالة آنفا، بالنظر إلى استجابة التجار والحرفيين لنداء الإضراب الوطني الذي دعت إليه الكونفدرالية. وقال إن أرباب المقاهي والحانات فقط هم الذين خالفوا قرار الإضراب، بينما أغلقت متاجر السوق المركزي (المارشي سنطرال) أبوابها، مثل المطاعم ومحلات الأعمال الحرة. وبدا مركز المدينة صباح أمس خاليا كأيام الآحاد واستعان المواطنون بخدمات سيارات الأجرة القليلة العاملة أمس بالمدينة ليصلوا إلى مقرات عملهم. وفي حي درب السلطان، انضم أرباب المحلات إلى الإضراب وعانى المواطنون صباح أمس من صعوبة التزود بمادة الخبز الأساسية في المنطقة بسبب إغلاق المخابز أيضا.