«ماذا يشاهد المغاربة » على القناتين الأولى والثانية تحديدا؟ أية علاقة تربطهم بتلفزيونهم بشكل عام؟ وماذا يفضلون؟ وإلى أي حد يمكن للمعطيات والدراسات ، التي تهم مقاييس المتابعة ، أن تقدم صورة واضحة عن ميولات المشاهد المغربي نحو هذه القناة أو تلك؟.. إن الحديث أو السعي للإجابة عن هذه الأسئلة بقدر ما يقدم لنا ملامح وسلوكات المشاهد المغربي، بشكل عام، بقدر ما يجرنا للحديث، أيضا، عن دور دراسات قياس المتابعة، وعن المجهود الذي يبذله المشاهد المغربي لإيجاد فضاء أرحب للمشاهدة. لقد كشفت نتائج دراسة نسب مشاهدة التلفزيون في المغرب، تكلفت بإنجازها «ماروك متري» حول القناتين «الأولى» و«الثانية» أساسا، أن المشاهد المغربي يتميز بارتباطه ببيئته وميوله إلى كل ماهو قريب منه ويعكس ذاته والمرتبط به، فهو في علاقته سواء مع القناة الأولى أو الثانية، مثل ذلك المهاجر الذي يجوب كل أنحاء العالم عبر آلة التحكم عن بعد، لكنه «يحن» دائما إلى قناتيه. وقراءة لما جاءت بها الدراسة، التي قدمتها «ماروك متري» الأسبوع الماضي بمناسبة مرور سنة على انطلاق اشتغالها بالمغرب، تكشف عن أن المشاهد المغربي «يفضل» منتوجه الوطني بالدرجة الأولى قبل أن يغير الوجهة من أجل متابعة منتوج أجنبي آخر. ومن مميزات المشاهد المغربي، من خلال نتائج قياس المشاهدة ل«ماروك متري» ، أنه مشاهد يفضل «الأعمال التخييلية» المغربية على القناتين بكل أجناسها ويضعها ضمن أولويات أجندة مشاهدته اليومية، خاصة تلك الناطقة ب«الدارجة المغربية». كما يضع الترفيه ضمن أولوياته ويؤجل الأخبار والتثقيف إلى حين! وبخصوص حصص المشاهدة طيلة الفترة الممتدة مابين مارس 2008 ومارس 2009 بالنسبة للسلسلات التخييلية، فقد أشارت الدراسة إلى أنه في ما يتعلق بما يبث على القناة «الأولى»، أن السلسلة المغربية «علاش أولدي» حققت المرتبة الأولى بحصة مشاهدة بلغت 42.7 في المائة، هذا في الوقت الذي كلما رغب مشاهد القناة «الأولى» الوفي تنويع مشاهدته يختار المنتوج المصري، والإشارة هنا إلى «رجل وست ستات». أما بالنسبة ل«دوزيم» فقد حققت سلسلة «امبارك اومسعود» حصة مشاهدة وصلت إلى 41.2 في المائة بالنسبة لذات الفترة، وحينما يعبر مشاهد القناة الثانية عن رغبته في تنويع مشاهدته أيضا يتجه نحو مسلسل «سنوات الضياع» التركي المدبلج بالعربية! المشاهد المغربي يفضل أيضا، الافلام التلفزيونية والسينمائية المغربية المعروضة على التلفزيون، وتشير حصص المشاهدة إلى ذلك من خلال نسب المشاهدة التي حققتها الافلام التلفزيونية والسينمائية المغربية المعروضة على التلفزيون على القناتين، إذ سجل الانتاج الوطني أعلى نسبة مشاهدة خلال السنة الماضية، بعد أن جاء الشريطان التلفزيونيان «ولد الحمرية»، الذي قدمته القناة «الأولى» والذي حقق نسبة مشاهدة وصلت إلى34.1 بالمائة و«الطاحونة» على القناة الثانية، الذي سجل نسبة مشاهدة تبلغ 38.2 بالمائة، في مقدمة الترتيب، وحين يختار مشاهد القناة الأولى تنويع مشاهدته بخصوص الأفلام والاشرطة التلفزيونية بالاتجاه نحو المنتوج المصري ، يبقى مشاهد القناة الثانية وفيا للمنتوج المغربي! على القناتين «الأولى» و «الثانية» يفضل المشاهد المغربي البرامج التلفزيونية ذات الطابع الاجتماعي، أو التي تتطرق إلى قضايا مرتبطة به مباشرة. وبذلك يلاحظ من خلال الأرقام تفوق برنامج «مداولة» ، الذي تبثه القناة الأولى خاصة في حلقة «قضايا مدونة الأسرة» وبرنامج الوجه الآخر» في حلقته الخاصة ب«المساعدة الاجتماعية» التي بثتها القناة الثانية. المشاهد المغربي يهتم أيضا بالأسفار والمخزون التاريخي و الجغرافي المغربي لكن في درجات أخيرة من اهتماماته، ويظهر ذلك من خلال برنامجي «توبقال» والوثائقي «أمودو». المشاهد المغربي «يفضل» كذلك السهرات، خاصة سهرات «الزديح والرديح»، ويهتم بعدها ببرامج المسابقات، التي لا مكان لها على القناتين، وهذا ظهر من خلال ما حققته «مسابقة 20 سنة» التي قدمتها القناة الثانية بمناسبة احتفالها بالذكرى ال20 لانطلاقها، والتي سجلت نسبة مشاهدة بلغت 39.5 بالمائة! على مستوى آخر ، يحبذ المشاهد المغربي على القناتين الأولى والثانية رياضيا متابعة مباريات الفريق الوطني ويتجه في مرحلة ثانية نحو مشاهدة مشاركات الفرق الاسبانية والانجليزية في دوري عصبة الأبطال الأوربي، هذا في الوقت الذي يلاحظ فيه أن مشاهد القناة الأولى فضل ملخصات مباريات التنس المبرمجة في شهر ماي 2008 ، فيما اتجه مشاهدو القناة الثانية نحو الرياضات المائية في دجنبر الماضي. هذا ولوحظ أنه لا مكان للأخبار بالفرنسية على القناة الأولى لدى الفئة التي شملها بحث «ماروك متري»، والذي همّ 778 أسرة بمعدل 3970 فردا تبلغ أعمارهم بين 5 سنوات وأكثر، هذا في الوقت الذي يلاحظ حضور النشرتين باللغتين العربية و الفرنسية على القناة الثانية، غير أنه يمكن الاشارة إلى أن النشرة باللغة العربية التي تبث على القناة الأولى في الساعة الثامنة والنصف مساء سجلت نسب مشاهدة مرتفعة، تليها نشرة الاخبار بالفرنسية التي تبثها القناة الثانية في الساعة الثامنة و 45 د مساء. وقد أشارت أرقام «ماروك متري» كذلك إلى أن متوسط معدل مشاهدة الفرد المغربي للتلفزيون في الفترة ما بين مارس 2008 ومارس 2009 كانت ثلاث ساعات و32 دقيقة. فيما بلغ متوسط معدل المشاهدة بالنسبة للفرد خلال شهر رمضان 4 ساعات و7دقائق. كما تجاوز معدل المدة التي ترك فيها المغاربة تلفزيوناتهم مفتوحة خلال الفترة الممتدة مابين 31 مارس 2008 و17 مارس الجاري ، ثمان ساعات و20 دقيقة. وترك المغاربة أجهزتهم التلفزيونية مفتوحة خلال شهر مضان لمدة تزيد عن تسع ساعات. تجدر الاشارة الى أن هذه الاحصائيات ومقاييس المتابعة لا تقدم نسب المتابعة الجماعية، كما أنها لا تكشف عن هامش الخطأ في تقديم المعطيات، وبذلك تبقى معطيات مقاييس المتابعة لا تهم سوى فترة محددة في الزمان والمكان، الشيء الذي يحتم الحذر في التعامل معها، آخذين بعين الاعتبار مرجعها وتاريخ إنجازها!!