الاختيار الثالث: هذا الاختيار هو قريب جدا من الاختيار الثاني، ولقد كان قبل المؤتمر يدعو الاتحاد إلى العودة لمطالبه التاريخية حتى يتمكن من استرجاع بريقه و مشروعيته، و من ضمن هذه المطالب الملكية البرلمانية كمنهجية للحكم و كتصور لنظام تتوازن فيه السلطات، هذا الاختيار هو الآخر مازال حاضرا داخل الحزب اليوم و هو اختيار صائب باعتبار الاتحاد هو تراكم معرفي و تاريخي يستفيد من تجاربه و يبقى متشبثا بهويته و بتاريخه النضالي، إلا أن هذا الاختيار مازال محور أسئلة حول الطريقة التي يجب بها تفعيل مثل هذه المطالب و مازال محط انتقادات بعض الأطراف التي تهاب مواجهة جديدة مع السلطة، إلا أنه لا أحد يجادل في شرعية هذا المطلب الذي كان و سيبقى طرح إتحادي مشروع. في ضوء ما سبق، يمكننا أن نستنتج على أن الاتحاد الاشتراكي لم يتقدم كثيرا بعد مؤتمره الأخير، و أن كل هذه الخطابات مازالت متواجدة اليوم مما يحدث شرخا في الخطاب الاتحادي، و أن كل تحليل لوضعية ما يجب أن يبنى على هذه الأسس، فإذا أردنا معالجة أية وضعية قطاعية يجب تناولها من خلال هذا التحليل، سواء أكانت شبيبية، نسائية أو نقابية. و إذا أردنا إعطاء مثال على هذا الوضع فلنلاحظ المبادرة التي يستعد حزبنا لإطلاقها و المتعلقة بالإصلاحات الدستورية، هناك من يرى أن الإطار يجب أن يكون هو الكتلة و البعض يرى أن أحزاب اليسار هي الإطار و البعض الآخر يرى أن حزب العدالة و التنمية يمكن أن يكون مساندا للاتحاد في هذه الخطوة، كما يقترح آخرون أن تكون مبادرة الإصلاحات السياسية مبادرة فردية للاتحاد الاشتراكي. إن الأساسي اليوم هو محاولة فهم هذه الوضعية، كما أنه لا يمكن ولوج الانتخابات الجماعية لهذه السنة 2009 دون رصد حقيقي لهذا الحال، إن سياق الترشيحات و التزكيات لن يحل هذه الإشكالية، حيث أن الاتحاد جرب التطاحن الانتخابي و جنا ما جناه، ما يجب علينا اليوم هو محاولة رسم مشروع عام و صياغة خطاب موحد، إن ما يميز الاختيارات السابقة الذكر هي أنها كلها تتوجه لمناضلي الاتحاد و أنها لم تتمكن من التوجه نحو المجتمع. ليس المطلوب اليوم التفكير في الانتخابات، بقدر ما أن الأساسي هو التخمين الجاد و الضروري في المستقبل السياسي للمجتمع و للاتحاد، كما أن صياغة أي تصور سياسي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار النظام كمعادلة في الخريطة السياسية للمغرب، إن الاتحاد يحتاج اليوم لاختيار رابع قادر على صيانة الفكر الجماعي و النفاذ داخل المجتمع، بالطبع إن إيجاد هذا الاختيار الرابع هو امتحان كاد إلا أن الذكاء الجماعي قادر على طرح الأسئلة الحقيقية و الإجابة عنها، و ذلك بالإضافة النوعية إلى الأشياء الإيجابية التي تخللتها الاختيارات الثلاثة السابقة و بالالتزام الأخلاقي لثقافة الحزب العتيد. إن الاختيار الرابع هو اختيار صعب. لقد طرح السؤال قبل المؤتمر حول قدرة الاتحاد الاشتراكي على صناعة مناضل اتحادي متجانس الروح و الممارسة بعد مؤتمره الثامن؟ الجواب اليوم، هو لا. لكننا و إن أردنا سنتمكن من ذلك بنضالنا الفكري الجماعي الجريء. إن النقاش الذي جمع بين هؤلاء الإخوان هو نقاش مهم، لذلك وجب توسيع دائرة الحوار حتى تتراكم الأفكار، النداء موجه لكل ضمير اتحادي شريف لمساءلة ذاته و المساهمة في إغناء هذا النقاش. إن تلخيص دور الاتحاد الاشتراكي في الدور الانتخابي يعتبر نقاشا مغلوطا ،كما أن تجنب الأسئلة الحقيقية يعتبر تجاوزا سلبيا، إن الزمن السياسي طويل الأمد يفترض الاهتمام بالمسائل الجوهرية أولا. انتهى