اختارت هيئة «نساء من أجل النساء» العمل على أرض الواقع في ما يخص التحضير للانتخابات الجماعية المزمع إجراؤها في شهر يونيو المقبل، تماشيا مع الأهداف والمقاربة التشاركية التي سطرتها في لقائها التأسيسي الذي لم تمر عليه إلا سبعة أشهر، ومن بين هذه الأهداف الأساسية، تقوية قدرات النساء والفتيات في المجال السياسي وتشجيعهن على المشاركة الواسعة في انتخابات 2009 واستحقاقات 2012 ، فضلا عن إقرار تمثيلية وازنة وفاعلة للنساء في المؤسسات المنتخبة، ولهذا الغرض تم تنظيم تكوين وطني لفائدة النساء بالرباط تمحور حول تقنيات تمويل الحملات الانتخابية. فعن دواعي وأسباب تنظيم هذا التكوين الوطني، صرحت نزهة العلوي رئيسة اتحاد العمل النسائي والمنسقة الوطنية للهيئة، لجريدة الاتحاد الاشتراكي ،« أن مدونة الانتخابات التي صادق عليها البرلمان أقرت تمثيلية 12 في المائة كتمثيلية للنساء في المؤسسات المنتخبة المقبلة، ما يلزم اليوم الاتحاد والهيئة العمل على المساهمة في تكوين مرشحات محتملات ومرافقتهن في الحملة الانتخابية كذلك بعد نجاحهن في هذا الاستحقاق الوطني»، وعن موضوع تمويل الحملات الانتخابية وتجميع الأموال، ترى العلوي أن هذا الموضوع كان في المغرب منذ عهد قريب من بين المواضيع «الطابو» ، لكن قانون الأحزاب اليوم فتح إمكانية تمويل وتبرع الأفراد للمرشحين والأحزاب، «ما جعلنا نفكر في تمكين النساء من معرفة التقنيات والكيفية التي يتيحها قانون الأحزاب لجمع الأموال لتمويل الحملة الانتخابية، والتي لا تخفى على أحد الأهمية القصوى للجانب المالي في خوض حملة انتخابية متكاملة وفاعلة وناجحة». وشكل هذا التكوين الوطني الذي نظمته الهيئة بتعاون مع المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية، مناسبة للمشاركات المنضويات في عدة جمعيات نسائية وحقوقية، بالإضافة إلى برلمانيات ومستشارات ( في الجماعات والجهات ) ، من خلال العروض التي قدمها الخبير الأمريكي عبد العزيز عواد، فرصة سانحة للإطلاع على التجربة الأمريكية في تمويل الحملات الانتخابية وكيفية تجميع الأموال والتبرعات التي يتيحها القانون الأمريكي، بالإضافة إلى القيود والاجراءات التي تخص المراقبة والشفافية من أجل تفادي الانزلاقات التي تقع في هذا المجال، ودور القضاء في زجر ومعاقبة كل المخالفين للقانون، كما كان هذا التكوين مناسبة للمشاركات للاطلاع على قانون الأحزاب بالمغرب وخاصة الفصول المتعلقة بجانب التمويل، بالإضافة إلى إجراء مقارنة مابين التجربة الأمريكية والتجربة المغربية التي مازالت في بداياتها، والتي تتطلب من الجميع ، الدولة والفاعلين السياسيين والمجتمع المدني ، مضاعفة الجهود من أجل تثبيت وبلورة مواد قانونية تخص تمويل الحملات الانتخابية وكيفية تجميع الأموال ومراقبة أوجه صرفها وإقرار الشفافية اللازمة في هذا الباب. وأكد الخبير الأمريكي عبد العزيز عواد ، ذو الأصول العربية، خلال هذا التكوين، على أن الفقه الأمريكي يعتبر حق الفرد في التبرع لحملة انتخابية لمرشح ما جزءا لا يتجزأ من حقه في حرية التعبير عن نفسه التي يكفلها له الدستور الأمريكي، ويرى أن الفساد الانتخابي موجود في أي بلد سواء تعلق الأمر في العالم العربي أو العالم الأمريكي، «لكن في أمريكا إذا ما تم اكتشاف المرشح السياسي الفاسد يكون مستقبله السياسي قد انتهى، إلا أن الملاحظ في عالمنا العربي، هو العكس، حيث يصبح الفساد دعامة قوية وركيزة أساسية للنجاح وتحقيق مستقبل سياسي زاهر»، إن التمويل هو المحرك الأساسي للحملة الانتخابية التي تروج فيها أفكار وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية والتي تتطلب أموالا طائلة لتحقيق الأهداف المنشودة. واعتبرت فتيحة سداس عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي وإحدى المشاركات في هذا التكوين ، أن «الدعم الذي تخصصه الدولة لتمويل الأحزاب إبان الحملات الانتخابية يبقى غير كاف ولا يمكنه أن يغطي جميع المصاريف التي تتطلبها الحملة الانتخابية، لأن الوضع اليوم أصبح يفرض علينا خلال حملاتنا الانتخابية اللجوء والاستعانة بمؤسسات مختصة في عدة ميادين كالتدبير والتواصل والتنظيم والنقل والتغذية... وتجاربنا السابقة علمتنا أن واقع الحال يتطلب المزيد من البحث عن مصادر للتمويل». كما تساءلت بلهواري كريمة من فرع مدينة اليوسفية، بشأن الواقع المغربي لبعض الناخبين الذين لازالوا يفتقدون الوعي والمسؤولية الكبرى لديهم في العملية الانتخابية، حيث قالت « كيف سنطالب من مواطن أن يتبرع بماله على مرشح، والمواطن نفسه تعود على بيع صوته بالمال؟». وأوضحت ذ. لخماس عائشة بالدراسة والتحليل في إطار النقاش العام، أن المغرب عرف تطورا كبيرا في ما أسمته بثقافة التبرع لدى المغاربة، في الوقت الذي كانت هذه العملية ممنوعة وتحرمها بعض الفصول القانونية تحت ذرائع عديدة، و«هكذا بدأنا نرى على شاشة التلفزة التبرع من مغاربة لمغاربة آخرين»، وذكرت بالعديد من البرامج التي نظمت لهذا الغرض، بالإضافة إلى تبرعات المغاربة لفائدة المقاومة إبان الاستعمار، وتبرعات المغاربة للشعب الفلسطيني، واستخلصت على أن الشعب المغربي من الشعوب التي تؤمن بثقافة التبرع لكن يجب أن تتوفر المصداقية التامة للعملية، لمن سنتبرع؟ وكيف؟ ومن الجهة المراقبة لهذه التبرعات، وضمانات الشفافية الكاملة لها؟