تتعرض مدينة مليلية المحتلة لما سماه أحد الأحزاب المعارضة «لنزيف شبابي» ، حيث يغادر مئات الشباب المدينة في اتجاهات أخرى. وطالب حزب«التحالف من أجل مليلية» من الحكومة المحلية البحث عن حلول لهذا النزوح القوي للشباب والذي تم تقديره ب 33 في المائة من العاطلين عن العمل والذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 29 سنة. وقد غادر المدينة في سنة 2006 حوالي 3000 شاب، يشكل 83 في المائة منهم أقل من أربعين سنة. وحمل الحزب المذكور للحكومة المحلية أسباب هذا الواقع، حيث أكد أنه لم يتم خلق مناصب شغل كافية. ويمثل الشباب الذي لا يتجاوز عمره 35 سنة حوالي 35 في المائة من ساكنة هذه المدينة. وتعيش مليلية من أنشطة التهريب أساسا، في اتجاه المغرب، فهي مدينة لا تتجاوز مساحتها 12،3 كلمتر مربع، ولا تتوفر فيها أية ثروات طبيعية، بالإضافة إلى غياب موارد المياه والطاقة. ويلعب البعد الجغرافي لمليلية دورا أساسيا في عزلتها، حيث أن قطع المسافة بينها وبين إسبانيا يتطلب ثماني ساعات، عبر البحر، لذلك تحاول تطوير النقل الجوي. وتعيش المدينة أساسا على التهريب تجاه المغرب، حيث تختلف تقديرات مداخيلها من هذا الاقتصاد اللامشروع. فهناك إحصائيات كشفت عنها دراسات، اعتمدت على مصادر من المخابرات العسكرية الإسبانية، قدرت أن ما تصدره مليلية وسبتة نحو المغرب يضاعف مرتين ما تصدره إسبانيا بشكل مشروع نحو هذا البلد. وتستعد المدينة لتغيير اقتصادها تحضيرا للحصار الذي يمكن للمغرب أن يضربه حولها، إذا ما خلق مناطق صناعية وتجارية حرة في الناظور. وتتحدث الأوساط المحلية عن إمكانية تحويلها إلى مركز للسياحة المعتمدة على الكازينوهات، وأنشطة أخرى مشابهة. وتحصل توترات يومية بين الساكنة المغربية التي تمارس التهريب والسلطات الإسبانية، خاصة بعد أن باشرت السلطات المغربية توسيع ممر بني أنصار، وتحول التدفق البشري إلى ممر صغير آخر يسمى«باريوشينو». وقد حصلت مواجهات في الأسابيع الأخيرة بين المغاربة والقوات الإسبانية بسبب الوضع الصعب الذي يحصل يوميا في هذا الممر، مما أدى إلى جرح عسكري مغربي بالرصاص المطاطي الذي أطلقته القوات الإسبانية، وجرح رجل شرطة إسباني تلقى ضربة قارورة طائشة في رأسه، بالإضافة إلى جرح مواطنين مغاربة آخرين. كما تعرض رجل شرطة إسباني للطعن بالسكين من طرف مجهولين أثناء التدافع في هذا الممر. بالإضافة إلى التطويق من طرف ناشطين حقوقيين مغاربة، لضابط إسباني، دخل إلى الجانب المغربي، وكان مشهورا بعنصريته . وتعمل حاليا السلطات المركزية الإسبانية على ضخ الأموال في مليلية، لتشجيع السكن وكذلك لحث بعض المقاولات على الاستثمار فيها. كما توجه لها المساعدات الأوروبية لدعم اقتصادها. وفي الوقت الذي يحاول الحزب الشعبي، الذي يمثل اليمين في إسبانيا، المزايدة على الحكومة الإسبانية في المشاكل التي تحصل في حدود هذه المدينة مع المغرب، يعمل الاشتراكيون على تهدئة الأوضاع، ويعتبرون أن تحسن العلاقات مع المغرب كفيل باستقرار الوضع في مليلية. غير أن المطالب المغربية سواء بالنسبة لهذه المدينة أو بالنسبة لسبتة، قد تتزايد، بالإضافة إلى ان آفاق التنمية التي يحاول الجانب المغربي تطويرها في محيط المدينتين، اصبح يقض مضاجع الإسبان. لذلك، تستعد الحكومة الإسبانية لأسوء الاحتمالات بالنسبة لمستقبلها، الذي بدأ بالاحتلال، ومّر عبر تحويلهما إلى سجون ومناف، ليتحول تدريجيا إلى نشاط التهريب، عندما كان المغرب يغط في سبات عميق.