انتشرت بشكل لافت للنظر ظاهرة سرقة المنازل بالقصر الكبير بحيث لم يسلم أي حي من أحياء المدينة من عملية سطو وسرقة، وهناك من المنازل من تم استهدافها مرتين. الغريب في الأمر أن معظم هذه السرقات تتم بدقة عالية في الذكاء والتخطيط، أغلبها نفد بالطريقة نفسها تقريبا، إذ كان الفاعلون ينفذون عملياتهم في واضحة النهار ويستولون على محتويات المنازل بعد فتح أبوابها دون اللجوء إلى القوة، تم ينسحبون من مسرح عملياتهم دون ترك أثر يدل عليهم مما يدل على أن هناك شبكة مختصة من اللصوص منتشرة بالمدينة. أغلب الضحايا ممن تحدثنا معهم، صرحوا بأن منازلهم قد تعرضت فعلا للسرقة في واضحة النهار، دون أن يتمكنوا من معرفة أية معلومات عن هوية الفاعلين. هذا وقد علمنا أن أغلب الشكايات التي ترد على الدوائر الأمنية تخص كلها موضوع السرقات، هنا تطرح المسألة الأمنية بالمدينة ومدى نجاعتها في تحقيق الأمن والاستقرار. وعن أية مقاربة أمنية يمكن أن يتحدث المواطن القصري؟ أسئلة وأخرى تناسلت في شأن تزايد السرقات بالمدينة، في حديث ألم وحسرة لما آلت إليه الأوضاع، كحديثهم عن دور عيون السلطة التي لا تنام، وهل أصبح الشغل الشاغل للمقدمين والشيوخ هو تقديم شهادة السكنى ومراقبة البناء؟ ولماذا هذا الغياب التام لأفراد القوات المساعدة؟ وهل دورهم في القصر الكبير يقتصر فقط على محاربة الباعة المتجولين وأصحاب العربات المجرورة؟ وأين هي الحملات الأمنية ورجالاتها في المباحث المشهود لهم بكفاءتهم في هذا المجال؟ في السابق، اعتاد المواطن القصري أن يرى أفرادا من القوات المساعدة يعملون ليل نهار على شكل مجموعات في مسح تام لجميع الأحياء والأزقة، والويل ثم الويل لمن صادفوه خاصة إذا حامت حوله الشبهات، أما الآن وقد تراجع دورهم أمنيا بالمدينة، إذ لم يعد المرء يراهم سوى في الأسواق. أما المقدمين والشيوخ، فقد كانوا بدورهم يقومون بتحركات سرية تمكنهم من معرفة كل صغيرة وكبيرة كل في نفوذ ترابه، إذ بمجرد ما يقع الحدث، يكون المقدم، والشيخ أول من يعلم. أما حديثنا عن الشرطة والأجهزة الأمنية فحدث ولا حرج، بحيث كان المواطن كلما رأى أو سمع دورية للشرطة أو رجال المباحث إلا وتفادى طريقها، هذا دون الحديث عن السرعة الفائقة في الكشف والاهتداء عن مرتكبي الجرائم التي كانت تقع بالمدينة سواء تعلق الأمر بجريمة قتل أو سرقة أو غيرها. فأين نحن من ذلك الزمن؟ حادث السرقات هذا خلف موجة من الغضب والاستياء لدى ساكنة القصر الكبير، كل الآراء متفقة على تفشي ظاهرة السرقة بشكل ملحوظ إلى درجة أصبح معها الناس خائفين حتى وهم داخل منازلهم فبالأحرى الدور الفارغة التي يعود معظمها لجاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، والتي علمنا أن العديد منها قد تعرض للسرقة والنهب، إذ منها ما تم السطو على محتوياتها بالكامل. يذكر أنه إلى جانب موضوع سرقة المنازل، هناك سلسلة من الاعتداءات والسرقات بالعنف في حق العديد من الأبرياء الذين كان هؤلاء المجرمون يعترضون سبيلهم ويجردونهم من كل ما في حوزتهم من أموال ومقتنيات، إذ كشفت الأبحاث أن بعض المتهمين لم يكونوا يترددون في استخدام العنف ضد ضحاياهم بالضرب والجرح كالحالة التي وقعت في حي «أطاع الله» وكان ضحيتها شاب في مقتبل العمر، حيث تم الاعتداء عليه بآلة حادة في فخده أصابته إصابة بليغة، تم على إثرها سلبه ممتلكاته من نقود وهاتف نقال. نفس الشيء وقع لموظفة تقطن بتجزئة رياض المنزه المسماة بالسلالين، حين باغتها على الساعة 8 صباحا شاب متهور، أصابها بسيفه في يدها اليمنى من أجل الحقيبة اليدوية التي كانت تحملها، ولولا ألطاف الله لكانت المسكينة في عداد الأموات. وبخصوص وجهة المسروقات التي كان يستولي عليها هؤلاء المجرمون، كشف مصدر مطلع أنه يتم ببيعها إما بالعوامرة، أو سوق أربعاء الغرب، وغالبا أمام مركز التأهيل المهني بالقصر الكبير. وعلى العموم، هناك قضايا وملفات شائكة ينبغي معالجتها من حيث المبدأ، كإحدى مسببات ما يقع من أحداث داخل المدينة كالبطالة والفقر والهجرة القروية المكثفة، ناهيك عن الانتشار الواسع لتعاطي الأقراص المهلوسة والخمور المهربة، كلها أسباب اجتمعت لتفشي ظاهرة الانحراف كانتشار البطالة في صفوف الشباب والفقر وانعدام الوعي وغياب المرافق الاجتماعية وضعف البنيات التحتية وغياب الدور التأطيري للأحزاب، عوامل متعددة تؤدي حتما إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي بالمدينة، حيث يسجل كثرة الجرائم من ضرب وجرح واعتراض سبيل المارة وإلحاق الخسائر بملك الغير وجرائم السرقة. وكيفما كان الحال، هناك مجهودات مبذولة من طرف الأمن القصري بخصوص محاربة الجريمة بأنواعها، إلا أن الساكنة لا زالت تنتظر المزيد من الخدمات الأمنية من أجل إعادة الثقة إلى المواطن وجعله يشعر بالأمن والأمان منها تعزيز مفوضية الشرطة بالعناصر الكافية لسد الفراغ الأمني بمختلف النقط السوداء، ومدها بجميع الإمكانيات المادية واللوجستيكية حفاظا على أرواح وممتلكات الناس.