هكذا عودتنا جمعية الشعلة للتربية والثقافة، على أن تكون دائما عنصرا مبادرا وفاعلا في المشهد الثقافي المغربي، عبر تنظيمها للعديد من التظاهرات والمهرجانات الثقافية التي تهم أجناسا أدبية وفي مقدمتها الشعر والقصة، فها هي يوم السبت الماضي 24 يناير 2009، تلقي بحجرة في دائرة الأغنية المغربية، من أجل تحريكها ايجابيا وتوسيعها بتفجير مواهب طاقات شابة تنتمي إلى جهة الرباطسلا زمور زعير، وفي إطار المهرجان الجهوي الأول للأغنية المغربية الذي احتضنته قاعة ابا حنينيني بالرباط التابعة لوزارة الثقافة. لقد شكل هذا المهرجان الذي جاء نتيجة عمل مشترك مابين كل المنتمين لفرع التقدم للجمعية خلال أربعة أشهر، تخللته مشاركة شباب كثر في الاقصائيات التي أقيمت في مدن الرباطوسلا والخميسات والرماني و ثمارة، شكل فعلا عرسا حقيقيا للاحتفال بالأغنية المغربية وتكريمها، وفضاء رحبا للشباب الثمانية المؤهلين لإبراز مواهبهم في أداء رفيع لأغاني مغربية خالدة لفنانين مغاربة كبار كأغنية «ساعة سعيدة » لمحمود الإدريسي ، «يا بنت الناس» لعبد الهادي بلخياط و «ياك يا جرحي» لنعيمة سميح... وما ميز هذا المهرجان الذي تم افتتاحه بلوحة الحلم العربي المهداة لشهداء غزة، حيث تفاعل معها بشكل حماسي كل الجمهور الحاضر الذي غصت به جنبات قاعة وزارة الثقافة، الكلمة التي ألقاها ناشيد المكي ، باسم المكتب المركزي للجمعية، التي أكدت على أنه بالرغم من «زخم الانشغال التنموي والتربوي والتثقيفي، فلن ينسينا مهامنا الأساسية في تدبير ذكاءات وإدكاء مهارات وترشيد ميولات أجيالنا الشابة التي تحترم اختياراتها واندفاعاتها لأنها تبقى في الأول والأخير معطى أوليا ومادة خاما تحتاج دوما إلى من يحسن تدبيرها وترشيده والارتقاء بها، وهنا يكمن دور منظمات المجتمع المدني بمختلف أطيافها واهتماماتها». لقد قررت إدارة المهرجان التي يترأسها سعيد العزوزي أن تكرم عميدة الأغنية المغربية، ذات الصوت الدافئ المترامي عبر جبال الأطلس الشامخة والمتناهية في التعبير عن تفاصيل هويتنا المغربية، وذات الصوت الرخيم الذي وشم الذاكرة المغربية بالعديد من الأغاني المغربية الأصيلة، إنها الفنانة الكبيرة المرهفة الإحساس نعيمة سميح، فنانة كل الشرائح الاجتماعية الطفل الشيخ والمرأة والشاب، الفنانة المحبوبة التي داع صيتها إلى العالم العربي، والتي شكلت لحظات مضيئة في تاريخ الفن المغربي، إنها بنت الشعب التي تغنت بكل معاني الجمال بالدارجة المغربية قبل اللغة العربية الفصحى وضلت محافظة على نخوة الفنان المغربي في تميزه وتفرده. وفي لحظة بالغ التأثر، أعلن العزوزي غياب نعيمة سميح عن هذه الأمسية بسبب الوعكة الصحية التي تعاني منها، «نعيمة سميح الحلم والحقيقة، نعيمة وشم الذاكرة وعميدة الأغنية التي نتمنى لها الشفاء العاجل والعودة الميمونة لعشاقها لتنير سماء الأغنية المغربية بوهج صوتها الصداح، فما أحوجنا اليوم لعديد من النجوم بمستوى نعيمة لتهذيب الذوق وترسيخ قيمنا الحضارية وقيم الحب والجمال». وفي الأخير، تم توزيع الجوائز الرمزية من طرف الإخوة خالد أصواب عن بلدية الرباط، وأوشن، وهزيل أعضاء المجلس الإداري لجمعية الشعلة، على المتبارين في هذا المهرجان بعد قرار لجنة التحكيم التي ترأسها الفنان عزيز حسني، حيث منحت الجائزة الأولى للفنان الشاب سفيان العضمي من مدينة الرباط عن أغنية «محال ينساك البال» ، ونال الجائزة الثانية يونس العمارتي من مدينة ثمارة عن أغنية «عطشانة» ، أما المرتبة الثالثة فكانت مشتركة مابين مريم النزيعي عن أغنية «أخيي» و ياسين السانية من مدينة سلا عن أغنية «ساعة سعيدة».