أدى التوقف المرحلي عن تصدير الفوسفاط إلى حرمان المكتب الوطني للسكك الحديدية (م. و. س. ح) من مداخيل قدرت قيمتها خلال سنة 2008 بحوالي 1.8 مليار درهم، غير أن الحرمان لم يمنع من أن يضاعف المكتب قدراته الذاتية على تمويل مشاريعه المبرمجة لتصل إلى حوالي مليار درهم في السنة ونفذ مشاريعه الاستثمارية بوتيرة فاقت ما كان متوقعاً في البرنامج التعاقدي المبرم مع الدولة، والفضل في ذلك يعود إلى الاهتمام المتزايد بخدمات نقل المسافرين وبارتفاع مداخيل هذا النشاط بحوالي 9% مقارنة مع سنة 2008، أما بالنسبة لسنة 2009 فمن المرتقب أن يسفر الحوار الجاري مع المكتب الشريف للفوسفاط (م. ش. ف) عن التوصل إلى إجراءات عملية، توفق بين متطلبات التغيير اللوجيستيكي ل(م. ش. ف) والبرامج التنموية ل(م. و. س. ح) ومن المقرر أن يحقق النقل السككي مداخيل إضافية سواء في نقل البضائع أو في نقل المسافرين. لقد كانت الرحلة التي نظمها المكتب الوطني للسكك الحديدية عبر القطار بين محطتي أكدال بالرباط ومراكش استثنائية بكل المقاييس، فخلالها ترأس وزير التجهيز والنقل كريم غلاب المجلس الإداري للمكتب ، كما ترأس إلى جانب محمد ربيع الخليع ندوة صحافية في حين تمكن الوفد الصحفي من الاطلاع على الشكل الجديد الذي ستكون عليه عربات المسافرين وعلى البرامج الاستثمارية ومراحل إنجازها. وبعدما تبين أن كل هذه الأنشطة مرت في ظروف مريحة وبكلفة أقل من المعتاد، اعتبر غلاب أن عربة الاجتماعات قابلة للتسويق لتشكل بدورها خدمة تضاف إلى مجموع خدمات النقل السككي. كما سجل بارتياح كون هذا القطاع يعتبر من القطاعات المثمرة التي ستساهم في حماية المغرب من انعكاسات الأزمة الاقتصادية الدولية على المغرب، خاصة أن التصور المغربي يتخذ من النشاط الاقتصادي الداخلي ركيزة لتحقيق الصمود والتطور في انتظار انتهاء الأزمة الدولية. وبالنسبة لكريم غلاب، فإن المكتب الشريف للفوسفاط قرر التقليص من كلفة النقل من منظور استراتيجي يرمي إلى تدبير ما عرفه من تطور، لكن قراره لا يعني التوقف الفوري عن الخدمات السككية. وسواء تعلق الأمر بالتوجه الحكومي أو بالاتفاق الذي توصل إليه مع الوزيرة الوصية على قطاع الفوسفاط ومع المسؤولين الأولين عن مكتبي الفوسفاط والسكك، فإن كلاً من المكتبين سيظل شريكاً أساسياً للآخر، وهذا التوجه لا تمليه الخيارات السياسية فقط ولكن تعززه الخيارات الاقتصادية، لأن التخلي عن هذه الشراكة سوف لن يسفر عن حرمان المكتب الوطني للسكك الحديدية من تحقيق التوازنات المالية، وإنما سيسفر عن توقف النشاط المرتبط بتنمية خطوط السكك الحديدية والاستثمارات المرتبطة بها وهذه الإشكالية لا تعني ال (م و س ح) بقدر ما تعني الدولة التي ترفع شعار تكثيف الأوراش الداخلية الكبرى لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية. وبخصوص التزام القطارات بمواعيدها، تبين من أجوبة السيد الخليع أن 87,8% من القطارات تصل في مواعيدها ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة في الأثلوث الثاني من سنة 2009 إلى 90% أما القطارات التي تتأخر عن مواعيدها، فأكد أن نسبتها تقل عن 13% ومع ذلك فإن نصف حالات التأخير يتحمل المكتب مسؤوليتها بينما النصف الآخر ناتج عن عوامل خارجية، لكنه مع ذلك توقع المزيد من الالتزام بالمواعيد، وارتكز في ذلك على الإحصائيات التي تؤكد أن عدد قتلى حوادث السير تقلص من 100 في السنة إلى 50 سنة 2008 علماً بأن الانتحار يمثل حوالي نصف عدد القتلى. في نفس السياق اعتبر أن تراجع أسعار النحاس والحديد وغيرهما من المواد الأولية سيقلص من حالات سرقة الأسلاك الكهربائية كما أن بناء المزيد من الأسوار بوتيرة 30 كيلومتر في السنة وتكثيف التوعية بين أطفال المدارس المجاورة لخطوط السكك الحديدية، سيساعد على تقليص حالات رشق القطارات بالحجارة. وعلى ضوء كل هذه المعطيات ، كان تسليم شهادة الجودة إيزو 9000 على أنشطة المسافرين حدثاً أضيف إلى باقي الأحداث التي أضفت على رحلة يوم الأربعاء 14 يناير طابعاً استثنائياً. وسواء تعلق الأمر بنقل السلع أو بنقل المسافرين، فإن سنة 2009 ستتميز بعدة معطيات من أبرزها إنهاء الأشغال بين تاوريرت والناظور بعد بضعة أشهر وإتمام الربط بين الشبكة وميناء طنجة المتوسط في الربع الزول من السنة، والشروع في إنجاز مختصر الخط في الشطر الرابط بين سيدي يحيى وبلقصيري ثم إنهاء تحضير مشروع القطار الفائق السرعة وإعطاء انطلاق الأشغال الفعلية للإنجاز. أما على مستوي المسافرين، فإن المكتب سيتوصل في النصف الأول من السنة الجارية بستة قطارات ذات طابقين. كما أن الأشغال في كل من أوراش المكتب بمكناس ومعمل لاسكيف بعين السبع بالدار البيضاء ستمكن من تزويد الشبكة ب 300 عربة للمسافرين مجهزة وفق المواصفات التي اعتمدها المكتب مؤخراً، وسيتم التزويد بمعدل 100 مقطورة في السنة وبذلك فإن عدد القطارات الذي ارتفع ما بين 2007 و 2008 من 110 إلى 174 قطار في اليوم سيعرف المزيد من الارتفاع، حيث يرتقب أن يتم تسلم الدفعة الاولى من العربات في الصيف المقبل. أما بالنسبة للأسعار، فأكد الوزير أنها ستراعي القدرة الشرائية للمواطنين ونسبة الامتلاء، والرفع من قيمتها غير وارد الآن.