واصلت إسرائيل عدوانها جوا وبحرا على قطاع غزة لليوم السابع على التوالي، مخلفة لغاية الآن أزيد من 420 شهيدا وأكثر من 2100 جريح، وزاد عدد الشهداء من الأطفال بعد استشهاد11 طفلا. وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية العديد من الغارات من بينها ثلاث غارات استهدفت ثلاثة منازل لقيادات في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بمناطق مختلفة بالقطاع، وخلفت أكثر من عشرة جرحى. كما واصلت الزوارق الحربية الإسرائيلية مشاركتها بالعدوان، حيث أطلقت نيرانها بشكل كثيف تجاه المنازل بالقرب من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة. وقد أسفر استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع أول أمس عن استشهاد نحو 21 فلسطينيا من بينهم 11 طفلا وعدد من النساء. وكان من بين شهداء الأمس القيادي البارز في حماس نزار ريان، الذي استهدف مع جميع أفراد أسرته الذين كانوا معه بالمنزل، في هجوم قامت إسرائيل بتدمير عشرات المنازل المحيطة بمنزل ريان لضمان عدم نجاته. كما استمر استهداف الاحتلال لدور العبادة حيث قصفت الطائرات مسجد الخلفاء الراشدين في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، مما أدى إلى تدمير المسجد بالكامل ليصبح المسجد الثامن الذي تدمره إسرائيل منذ بدء عدوانها. ولم تنج المدارس من العدوان الإسرائيلي حيث دمرت الطائرات مدرسة «دار الأرقم» بمدينة غزة بعد قصفها بالصواريخ، وهي إحدى المدارس التي أسستها حماس. في هذه الأثناء تزداد التوقعات بقرب بدء الحرب البرية الإسرائيلية، مع التكثيف الشديد للغارات الجوية، بالإضافة لإعلان إسرائيل أنها ستسمح لأربعمائة أجنبي بمغادرة القطاع عبر معبر إيريز، بعد أن سمحت لثلاثمائة أجنبي بالمغادرة في الأيام الأخيرة. ووفقا لتصريحات إسرائيلية عسكرية فإن من بين هؤلاء الأجانب أفرادا يحملون جوازات سفر أميركية وروسية ومولدافية وأوكرانية وتركية ونرويجية، وحسب وكالة رويترز فإن الكثير من هؤلاء هم أزواج لفلسطينيات أو زوجات لفلسطينيين. في المقابل لا زال موظفو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وأغلبهم من الأجانب، مستمرين في عملهم، ولم يظهروا أي رغبة بمغادرة القطاع حتى الآن. ولم تستبعد مصادر فلسطينية أن يكون قرار إسرائيل بالسماح للأجانب بمغادرة قطاع غزة مؤشرا للبدء بعملية عسكرية، بينما أوضح مصدر عسكري إسرائيلي أن جميع الخيارات مفتوحة لتحقيق الأهداف التي وضعتها قيادة الجيش. فقد أكد أسامة أبو خالد من المكتب الإعلامي لحركة حماس في العاصمة السورية أن «العدو الإسرائيلي بدأ يصدر تصريحات متناقضة منها ما قاله رئيس تصريف حكومة الأعمال الإٍسرائيلية عن عدم رغبته بتطويل أمد الحرب، في الوقت الذي يتوعد ويهدد بشن هجوم بري واسع النطاق». واعتبر أبو خالد أن هذه التصريحات تدخل في إطار التكتيكات العسكرية كما فعل مع بدء الضربة الجوية، دون أن يستبعد أن يكون قرار السماح للأجانب بمغادرة قطاع غزة مقدمة لشن هجوم بري، لا سيما بعد أن استنفذت الحملة الجوية أهدافها. وقال أبو خالد إن الطيران الحربي الإسرائيلي يعيد استهداف نفس الأماكن في القطاع لمرات متتالية مما يؤشر على أن قوات الاحتلال ربما تفكر في تغيير المسار العملياتي للمعركة. بيد أن المسؤول الفلسطيني أكد مجددا أن «إرادة الصمود ماثلة في جميع أبناء الشعب الفلسطيني» لافتا النظر إلى أن الحكومة الإسرائيلية في حقيقة الواقع تخشى من الغرق في مستنقع غزة إذا فكرت في الخيار البري». ونقلت وكالة قدس برس للأنباء عن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق قوله إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن يستهدف المدنيين لإجبار السياسيين وفصائل المقاومة على الاستسلام. يشار إلى أن الناطق الرسمي باسم الحركة إسماعيل رضوان دعا جميع الأذرع العسكرية للمقاومة الفلسطينية -بما فيها كتائب عز الدين القسام- للرد على اغتيال القيادي البارز في الحركة نزار ريان واستهداف المصالح الإسرائيلية في كل مكان. من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيحاي أدرعي أمس إن جميع الخيارات مفتوحة لتحقيق الأهداف الموضوعة من قبل القيادة العسكرية، مشيرا إلى أن القيادة سبق وأكدت أن «عملياتها داخل قطاع غزة تتألف من عدة مراحل يقوم الجيش الإسرائيلي بتنفيذها عبر التركيز على أهداف محددة». وعن تعليقه على قرار السماح للأجانب بمغادرة القطاع، أوضح أدرعي أنه يحق لأي جهة أن ترى في هذه الإجراء تفسيرا ما، في حين أن «الجيش الإسرائيلي هو الذي يختار الوقت والمكان المحددين للخطوات الأخرى». وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية أعلنت الخميس عزمها السماح لمن يرغب من المقيمين الأجانب بمغادرة القطاع من معبر إيريز شمال القطاع. لكن لا يمكن اعتبارذلك مؤشرا أكيدا على نية اةتنفيدهجوم بري بقدر ما هو محاولة لتقديم نفسها كدولة تحترم القانون الدولي وتراعي الظروف الإنسانية . وبرأي العديد من الخبراء العسكريين فإن الصورة لا تزال غير مكتملة بعد بالنسبة للنوايا الإسرائيلية بخصوص القيام بعمل بري محدود في شمال القطاع أي المواقع التي تنطلق منها صواريخ المقاومة، أم الجنوب لفصل منطقة الأنفاق التي أثبتت أنها شريان الحياة للقطاع، أم اللجوء لعدوان بري واسع النطاق يعيد كامل القطاع إلى سيطرة الاحتلال. وفي هذا السياق أشارت التقارير إلى أن إسرائيل قد تحتاج إلى حوالي فرقتين للقيام بهجوم محدود أو توغلات متكررة دون بقائها داخل القطاع. أما بالنسبة للاجتياح الكامل وإعادة السيطرة على القطاع مجددا، فإن إسرائيل في هذه الحالة تحتاج عددا يتراوح من ثلاثين ألف جندي إلى أربعين ألفا. كما أن المؤشرات الميدانية الراهنة لا تعكس وجود هذا العدد الضخم من القوات على الأرض مما يقلل من فرص قيام إسرائيل بهجوم بري واسع النطاق. ورغم كثافة العدوان إلا أن فصائل المقاومة في القطاع تعهدت بالرد والانتقام للشهداء والجرحى ولأهالي قطاع غزة، وأكدت أنها لن تستسلم ولن ترفع الراية البيضاء. ونقل عن مصادر في كتائب القسام تبنيها إطلاق 55 صاروخا على مدن ومواقع إسرائيلية من بينها عدد كبير من صواريخ غراد، كما تبنت فصائل مقاومة أخرى إطلاق عدد من الصواريخ. وبدوره تعهد الناطق الإعلامي باسم حركة الجهاد خضر حبيب بتلقين العدو الصهيوني دروسا قاسية عندما يبدأ الاجتياح البري. وأكد حبيب في تصريحات للصحافة أن جميع الخيارات مفتوحة أمام المقاومة، بما فيها تنفيذ العمليات الاستشهادية داخل «الكيان الصهيوني» وقال إن العدو الإسرائيلي لم يترك أي خيار للمقاومة بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها بحق فلسطيني القطاع. بدورها أكدت كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح أنها قصفت فجر أمس مدينة عسقلان داخل الخط الأخضر بستة صواريخ من نوع «أقصى 3» المطور. وأشارت في بيان إلى إصابة أربعة من عناصرها بعد استهدافهم من قبل طائرة حربية إسرائيلية في الساعات الأولى من فجر أمس، أثناء تأديتهم «لواجبهم الوطني والجهادي». وقد استهدف أحد صواريخ المقاومة الفلسطينية أول أمس مدينة بئر السبع في صحراء النقب، بعد دقائق من سقوط صاروخ آخر على المدينة ذاتها وصاروخين مماثلين في منطقة مفتوحة قرب عسقلان وخامس بين أسدود وعسقلان. وقالت كتائب القسام إنها وسّعت الخميس نطاق قصفها الصاروخي ليصل إلى القاعدة الجوية الإسرائيلية «حتسريم» التي تعتبر من القواعد الجوية الكبرى التي تنطلق منها الطائرات الحربية في المنطقة الجنوبية من إسرائيل.