في كل بقاع العالم دربنا على القول: لا يمكن أن نخفي حقيقة الشمس بالغربال..إلا في الحوز بالمغرب الآن، لا يمكن أن نغطي حقيقة المطر بالغربال!الغربال، سواء كان بيانا أو بلاغا أو تصريحات، لن يوقف الحقيقة التي تتهاطل مع الأمطار الغزيرة التي تجرف الناس كما تجرف الأواني كما تجرف الأحاسيس …!أمطار ورياح وثلوج بعد الشمس والرياح والعزلة..توالت وتتوالى! وكل أسوار الوقاية مجرد رقائق بلاستيك تتطاول للوقوف في وجه الطبيعة العاتية (أين شعار «زيرو ميكا» الحكومي في المغرب؟). يمكن لمن يعيشون في الكاراييب أو يقضون شتاءهم في جزر تنيريفي ..أو زنجبار، ألا يشعرون بالحاجة للتضامن مع ضحايا زلزال الحوز، الذين ما زالوا تحت الخيام. فالشمس، هناك، والرمال البيضاء والخلجان اللازوردية تغطي على ما يقع في المنحى الجنوبي للأطلس، ويمكنهم أن يتخيلوا بأن الأمطار، التي تنهمر على أسقف من البلاستيك، تشبه أمطارا استوائية دافئة تطهر غابات الأمازون، إذا شاؤوا، لكن كل المغاربة الذين يعيشون هاته الأيام المباركة تحت المطر الغزير الذي من به المولى على مغاربته، يشعرون بغير قليل من الغضب والكثير من التضامن مع كل الأسر والأطفال والعجائز والمرضى الذين يعانون الوضع الشتوي على مرمى …. من الربيع! الآلام .. ليست فوتوشوب، إنها حقيقة مرة، من يريد أن يقنعنا بأن الصورة التي تثير الألم مجرد سوء..نية، وأنها قضية تواصل لا غير، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يغطي المطر .. بغريال ! تتحدث السلطات الحكومية، ربما بناء على معطيات قادمة من السلطات الإقليمية، أنها أنهت عملية البناء بالنسبة لأكثر من 15 ألف منزل، أي بنسبة 60 ٪…والحال أن الأرقام التي مازالت حية بذهننا، كما قالها فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، أمام لجنتي المالية والتنمية الاقتصادية بالبرلمان، يوم الجمعة 22 شتنبر 2023 ، هي أن مجموع الانهيارات التي تسبب فيها الزلزال الذي ضرب ستة أقاليم مغربية، هو 59647 ، وأن ثلثيها يهمان المباني المنهارة بالكامل، فيما الثلث الباقي يخص المنهارة جزئيا. هل عدد 15 ألفا يمثل 60٪ من الرقم أعلاه؟ (الجواب هو نقطة تعجب). هناك، ولا شك، رياضيات خاصة بالحكومة في أوقات الشدة! وتستصغر السلطات الحكومية العدد المتبقي من الخيام وتحصره، بغير قليل من الاعتزاز ، في 3 آلاف و211 فقط، (لاحظ «فقط» هاته كم هي دالةَ). فإذا كان التقليل من الرقم تم بناء على مقارنة مع 35 ألفاً و500 خيمة، التي كانت في الأصل فإنه، ولا شك، رقم مهم للغاية … أما إذا كان رقما في ذاته فإن وجود 3 آلاف أسرة رقم مهول، بحد ذاته.. إذا ضربناه في عدد الأيام تحت التقلبات الجوية لمدة تزيد عن 15 شهرا، ما مجموعه 27 ألف ساعة من قهر الشمس صيفا وقهر التساقطات من مطر وثلوج وظروف عيش لا إنسانية شتاء! ويمكننا أن نبني القياس، ولو كان ممجوجا على السؤال: كم من برلماني يصنع السياسة اليوم وصل بأقل من هذا العدد… أصواتا؟! هل يمكن لقوى معينة أن تراهن على موضوع بمثل هاته الحساسية الإنسانية والاجتماعية لأغراض ما؟ بلى، ويمكن للقنوات التلفزية مثل «فرانس 24» أن تجعل منه موضوعا أهم من كل بؤر البؤس في الكرة الأرضية! هل يمكن لقوى سيئة النية أن تستغل الموجة تحت الخيام البلاستيكية لتصفية حساب ما مع المؤسسات؟ ممكن للغاية، بل وقتها لو تجند معها 3 آلاف عائلة سيبدو الرقم مهولا وجارفا ..(واش سهلتها؟) لكن (لأن لكن هنا حتمية) في مقابل هذا، لا يمكن إقناع الناس بأن الاعتقالات والأحكام بالسجن التي ترافق هذا الملف يمكنها أن تكون هي الحل، كما لو أنها وضعية عادية في زمن عاد؟ أزيلوا سبب الاحتجاج لكي تزول أسباب المحاكمات مع زوال أسباب الاحتجاج، وحتى الاستغلال السياسي، المفترض في العملية برمتها.. لا يمكن أن تكون زنازين الإسمنت هي .. الجواب على البلاستيك! ذلك أنه لا أحد في المغرب صار يقبل بأن يتم الزج، ونقول الزج، بالقرار الأمني والقضائي، في معضلة اجتماعية وسياسية تتعلق بالحكومة وبفلسفة تدبير الكوارث الطبيعية، على المديين القصير والمتوسط، بعد أن وفرت لها الإرادة الملكية كل أسباب الانطلاقة الجيدة، وكل مقومات الاستجابة لهذا الوضع الصعب! كانت الخطة الملكية متكاملة الأركان: في سياق استعجالي لا تغيب ضرورته القصوى: وسواء حسب بلاغات الديوان الملكي أو ما تفرع عن جلسات العمل التي أشرف عليها عاهل البلاد شخصيا، علق بالأذهان جوهر الموضوع، حيث ائْتمن الملك الحكومة على شعبه في الحوز، وشدد على : تقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة في ..أقرب الأحوال. التكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال. ليس الغرض هنا الوقوف على كل ما رافق العملية الكبرى والضخمة والمتميزة التي قادتها سلطات البلاد من أجل تجاوز الزلزال وآثاره، سواء الذين استفادوا بغير حق، أو الذين لم يستفيدوا بالرغم من حقهم في ذلك، وليس الوقوف والتركيز على سلسلة الوقفات والاحتجاجات التي تمت، ومنها ما حدث في الرباط لعائلات بكاملها تنقلت من المغرب العميق إلى العاصمة… ولا التنكر لما تحقق في الميدان، وهو كبير بالنسبة لنا، نحن الذين تعودنا النظر إلى الجزء المملوء من الكأس، الأمر يتعلق باستكمال مهمة أرادها ملك البلاد وأرادها شعب المغرب على كارثة «رست» الصفقة الديموقراطية في معالجتها على الحكومة! المطلوب هو ترجمة ما قاله ملك البلاد»إذا كان الزلزال يخلف الدمار فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار»..ترجمة عملية في الزمان والمكان المطلوبين.. الحقيقة أن الشعب يريد والملك يريد ولكن الحكومة لا تريد!