أسدل مهرجان القراءة بفاس ستائره بعد زوال يوم السبت 1 يونيو 2024بزيارة متفردة قام بها وفد عرفاني لضريح لسان الدين بن الخطيب بباب المحروق التاريخي الذي عرف أشغال تأهيل وصيانة من طرف المصالح التقنية لمجلس مقاطعة المرينيين طيلة الأسبوع، استعدادا لهذا الحدث الثقافي المتميز. وحلقت في الأجواء لحظات مهيبة مفعمة بروح الاستحضار العالية لشخصية لسان الدين بن الخطيب. نسمات قاربت المشترك الثقافي والأدبي الرفيع للرجل بعد مرور قرون من تلك الحقب المزهرة .فبعد قراءة الفاتحة ترحما على ذي الوزارتين والدعاء له، تلا العرفاني الدكتور عبد الإله بن عرفة آخر قصيدة كتبها لسان الدين بن الخطيب يرثي فيها نفسه. وقد أحس بدنو أجله . ثم قدم بعدها القصيدة التي كتبها عن لسان الدين بن الخطيب وافتتح بها كتابه العرفاني القيم «ابن الخطيب في روضة طه» .كما زود العرفاني الزوار الذين أصاخوا السمع بإمعان إلى شروح وتوضيحات تاريخية ضافية من وحي اللحظة العرفانية . كانت وقفة ثقافية بميزان الروح في حضرة الخطيب.جللتها العرفانية بروح قوية وراهنية. وكانت المشاعر والأحاسيس هشة وارفة مفعمة بالجلال . كان ما هو في الضريح يحلق في سمو روح لسان الدين بن الخطيب وجلال قدره، حيث اغتنم الحاضرون عبق التاريخ من روح المكان، ونهلوا من طاقات الاستحضار الجلالية ما يمكن أن يعيشوا به عمرا ثقافيا أطول . وعاشت القافلة اللحظة بتساميها. وكان لي فرح إضافي بزيارة ضريح لسان الدين لأول مرة في حياتي ، بحضور روحاني ضج بكل أطوار المتع التي تسلقت داخل كل منازل القلب والروح.لقد كان نجاح المنظمين ملحوظا في جعل المهرجان فرصة حقيقية للتعريف والاحتفاء بشخصية تاريخية من حجم لسان الدين بن الخطيب الذي عاش فترة من حياته بمدينة فاس إبان حكم دولة المرينيين للمغرب قبل أن يوارى الثرى بنفس المقاطعة بمدينة فاس. لقد شكل مهرجان القراءة بفاس، المنظم من طرف الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة في الفترة ما بين 30 -31 ماي و1 يونيو 2024 تحت شعار «القراءة مدخل لتنشئة على الموروث الثقافي والحضاري» وقفة حضارية متمدنة، أعادت الاعتبار لرجل عظيم بفضل روح البحث العرفاني لدى رعيل من الأجيال اللاحقة ،مستحضرة جلال قدر لسان الدين وسمو روحه من خلال ندوة وطنية في موضوع» قراءات في رواية ابن الخطيب في روضة طه» بمشاركة نخبة من النقاد الباحثين والأكاديميين بحضور الروائي العرفاني الدكتور عبد الإله بن عرفة. في اليوم الثالث والأخير تميز المهرجان بالندوة الوطنية التي احتضنتها قاعة الندوات بمديرية الثقافة بفاس بشراكة مع مقاطعة المرينيين بتنسيق مع باقي الشركاء.كانت فرصة حقيقية لاستحضار صفحات من حياة لسان الدين بن الخطيب هذا الرجل العظيم الذي وسم تاريخ المغرب والأندلس بجلال خاص . ليس لكونه كان من أهم المؤثرين في البلاط النصري ومؤرخ السلالة النصرية بالأندلس قبل قرون فحسب ، بل لأنه كان كذلك شخصيةوطنية ووحدوية بارزة ومؤثرة سياسيا وثقافيا في تاريخ المملكة المغربية والأندلس بالنظر لأدواره ومناصبه المتعددة ،سواء كوزير وأديب شاعر وفيلسوف أوكفقيه و كمؤرخ ، ذلك أن حياته التي قضاها بين بلاط غرناطة والمغرب خلال العصر المريني تستحق التحقيق والتدقيق. لقد كانت فترات وحقب غنية وبالتجارب ومغشاةبالالتباسات. من جانب آخر، شكلت الندوة العلمية فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار لضريح العلامة لسان الدين بن الخطيب، وتأهيله وجعله في مستوى الحدث، وهو ما يحسب للشراكة المثمرة بين الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة ومجلس مقاطعة المرينيين .كما شكلت من جهة ثانية محطة مشرقة للتعبئة المضاعفة لرصيد المحبة والتآخي، وفرصة لإحياء روابط المودة وتجديد أواصر التقدير والإجلال بين رعيل من الرواد صناع الكلمة: إبراهيم أقديم، عبد الحي الرايس، عبد السلام الزروالي، رشيد بناني، ادريس الذهبي، يوسف قيدي، حسن محب خالد مطيع أسامة بوركيزة محمد الجباري إدريس الواغيش، فاطمة الزهراء العلوي، رجاء سلاوي حمودة، وجيل من الشعراء محمد ابن المليح فونونو والمكتويين بنار الثقافة والإبداع فريدة عدنان، خديجة صالح … وتوزعت أشغال الندوة على جلستين علميتين الأولى سير فقراتها حسن محب وقدم خلالها الكلمات الترحيبية لمديرية الثقافة الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة مؤسسة لسان الدين بن الخطيب ومجلس مقاطعة المرينيين، ثم الجلسة العلمية الثانية وسيرت فقراتها الدكتورة إيمان أضادي . وعرف برنامج الندوة الوطنية قراءات في رواية «ابن الخطيب في روضة طه» للروائي العرفاني الدكتور عبد الإله بن عرفة بأربع مداخلات 1-» الرواية العرفانية مقومات الكتابة وآليات القراءة للدكتور عبد الإله لبريكي.2- ابن الخطيب في مرآة روائيين عبد الهادي بوطالب وعبد الإله بن عرفة الدكتور رشيد بناني : 3- :رواية» ابن الخطيب في روضة طه» مقومات البناء وخصوصية الدلالة « الدكتورة فتيحة عبد الله 4-»تسريد الذات بين المرجع التاريخي والأفق العرفاني رواية ابن الخطيب في روضة طه نموذجا» الدكتور سعيد الفلاق « 5-»هوية ابن الخطيب في الرواية بين جذور المكان ورحابة الفكر. الدكتور يوسف قيدي . واختتمت الندوة بتكريم الروائي العرفاني الدكتور عبد الإله بن عرفة وتوقيعه روايته . وتوزعت فقرات المهرجان بين الزيارات الميدانية للتلاميذ القراء ومرافقيهم وعلى مدى ثلاثة أيام ما بين مكتبة المختار السوسي والمؤسسات التعليمية المجاورة والمكتبة الوسائطية بالمديرية الجهوية للثقافة بفاس، وذلك سعيا لانفتاح التلاميذ على مؤسسات ثقافية أخرى، واسكتشاف مكتبتها الوسائطية ومعرفة الكتب ونظام العمل بمكتبة فضاء الطفل حيث ظل مجلس مقاطعة المرينيين المكلف بالشؤون الثقافية بمعية أطر الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة وإدارة مكتبة المختار السوسي وباقي الشركاء مواكبا متتبعا سواء عبر الإشراف الفعلي أو المشاركة وتقديم المساعدة بتوفير اللوجستيك المرافق لمجموعة من الورشات و الزيارات المؤطرة لمختلف المكتبات التاريخية بالمدينة.